إنتشرت في الأيام الأخيرة إشاعات سخيفة عن عصابات خطف الأطفال وقد انتقلت هذه الإشاعات من منطقة الى أخرى مثلما تنتقل عدوى الفيروسات والأمراض المعدنية وتسبب إنتشار مثل هذه الإشاعات في حالة من الذعر والتوجس لدى العديد من الأولياء والأباء . ولأن واجبنا المهني يحتّم علينا البحث عن الحقيقة ولكن أيضا تفنيد هذه الإشاعات بل ومحاربتها والتصدي لها فإننا سعينا مع ذلك كلّما جادت علينا «إذاعة قالوا» ببعض الحكايات والروايات من هذا النوع الى البحث والتقصّي يدفعنا في ذلك «فضولنا» الصحفي ولسان حالنا يقول من يدري لعلّنا نظفر «بصيد صحفي» ثمين.. لكن في كل مرّة نعود بخفّي حنين ويزداد اليقين والإقتناع رسوخا لدينا بأن ما نسمعه من حكايات غريبة عن عصابات لخطف الأطفال ماهي إلا حكايات من نسج خيال البعض ممّن تفنّنوا في حبك الإشاعات وترويجها وأقصى ما أمكننا الحصول عليه هو بلاغات لمحاولة تحويل وجهة بنت في العاشرة من عمرها كنّا أشرنا إليها في عدد الجمعة وهي من القضايا العادية التي تحدث في كل المجتمعات لكن حتى هذا البلاغ تأكد عدم جديته وتبين أن الرواية التي سردتها الطفلة المعنية كانت مجانبة للحقيقة والصواب حتى أن والدتها وبعد حديثها مع إبنتها أعربت عن رغبتها في عدم التتبع ... وتماما مثل هذه الواقعة فقد سجلت المصالح الأمنية عدد قليل من الحالات المماثلة لبلاغات إختطاف تبين فيمابعد أنها وهمية ونتيجة لحيل وروايات يبتدعها أطفال غابوا عن الدراسة أو تأخروا عن العودة لمنازلهم وهو ماأكده وزير الداخلية والتنمية المحالية السيد رفيق بلحاج قاسم في الندوة الصحفية التي عقدها صبيحة يوم السبت. لكن إلى جانب بلاغات الإختطاف الوهمية فإن مايقوم بمثابة القرينة على زيف الإشاعات التي يروجها البعض هنا وهناك إن نفس الإشاعة تنتشر في مدينة أو منطقة قبل أن تنتقل إلى أخرى. فقبل بضعة أسابيع أشرنا على أعمدة صحيفتنا الى إشاعة اللصوص الذين اقتحموا منزلا بجهة صفاقس فعثروا على أعضاء بشرية بداخل ثلاجة فإنتباهم الفزع وغادروا المكان مذعورين وقد انتشرت هذه الإشاعة في صفاقس منذ فترة قبل أن نفاجأ بها تعود وتنتشر في العاصمة أو بالأحرى في بعض الأحياء المجاورة وزاد البعض في «تزيين» هذه الإشاعة بنسج حكايات غريبة حولها لا يصدّقها عاقل حول عمليات اختطاف بالجملة و«التفصيل» ليس لها وجود إلا في أذهان البعض من ذوي التفكير الساذج ممّن تنطلي عليهم حكايات مروّجي الإشاعات السخيفة والمغرضة.