بعد ظهور «ال MSN» و«سكايب» وكثير من المواقع الأخرى الخاصة بالتحادث «chat» ظهر «الفيس بوك» وهو موقع إلكتروني أنشىء سنة 2004 بجامعة هافارد الامريكية ليصبح ملتقى شباب الكرة الأرضية ويسهّل عليهم تبادل الأخبار والمعلومات والروايات والصور لكن للأسف كثير من الشبان يستغلّونه في الغشّْ والخداع لقي «الفيس بوك» رواجا كبيرا مقارنة بمواقع المحادثة الأخرى خاصة بعد دخول الخدمة الجديدة Messenger بإعتباره وسيلة تواصل وتخاطب مباشرة بين طرفين أو أكثر وهذا ما يفسّر إقبال الشباب عليه دون دراية كافية بإيجابياته ومساوئه وما قد ينجم عن إستخدامه من آثار ومشاكل. وهذا أساسا ما يسعى إليه موقع «الفيس بوك» الذي يضمّ أكثر من مليون عضو شهريا والذي دخل في سباق مع «غوغل» و«ياهو» لبناء دليل إلكتروني عالمي يحتوي على أكبر قدر ممكن من المعلومات والتفاصيل الشخصية مثل السيرة الذاتية وأرقام الهواتف وغيرها من سبل الإتصال بالأشخاص وينضمّ نحو 200 ألف شخص يوميا الى «الفيس بوك» الذي أصبح يستخدمه 42 ألف شخص الشيء الذي من شأنه أن يدعّم الثورة المعلوماتية ويجعل من عالمنا الواسع قرية صغيرة تتواصل وتتحاور عبر الشبكة العنكبوتية. الفراغ سبب الهروبالى «الفيس بوك» ونظرا لتهافت شباب اليوم على فتح موقع على «الفيس بوك» وعدم وعيهم بكيفية إستخدامه وإصرارهم على مواكبة التطوّر التقني والعلمي دون إرشاد ودون ترشيد من العائلة أو من المقرّبين أو حتى المؤطرين أو المدرسين فإنهم يقعون في كثير من الاحيان في مشاكل لا حصر لها تتسبّب لهم في شكايات و تتبّعات عدلية خاصة إذا إقترن الأمر بإنتحال شخصيّة أو بمجاوزات أخلاقية كما حدث مؤخّرا مع الممثل أحمد الأندلسي. وكلّ هذا يرجعه أخصائي نفساني الى حالة الفراغ القاتل التي يعاني منها الشباب اليوم والتي لا تنتج سوى التشتّت النفسي والفكري والتهميش الذاتي الشيء الذي من شأنه أن يحوّل حياة الشباب الى جحيم وفي هذه الحالة لا يجد منفذا أو متنفسا سوى الإنصهار في أحد مواقع المحادثة لإيجاد الذات وإبرازها من خلال الطرف الآخر حتى لو كان الشخص إفتراضيا وهذا ما يفسّر عدم قدرة البعض على المواجهة المباشرة والاقتصار على المعاملات الإفتراضية كهروب من الواقع وهروب من الحياة الاجتماعية. الإدمان على «الفيس بوك» أصبح «الفيس بوك» في الأونة الأخيرة ظاهرة بأتّم معنى الكلمة فكثير من الشبان أدمنوا على هذا الموقع وأصبحوا لا يبارحونه لمدّة تتجاوز الستّ ساعات يوميا وكأن جاذبية خفية تربط هذا الموقع بشبان اليوم وخاصة منهم الإناث التي بلغت نسبة إستخدامهن ٪69 والتي فاقت نسبة إستخدام الشبان الذكور لهذا الموقع وحول إختلاف أسباب الإقبال المفرط على «الفيس بوك» تحوّلنا الى الشارع التونسي وسألنا بعض الاشخاص فكانت إجابة الأنسة سامية كالتالي : «فتحت عنوان على «الفيس بوك» منذ مدّة للتواصل والتحاور مع أصدقائي ومع عائلتي وأحيانا للتعرف على أشخاص وإن لم تعجبني حوارات أحدهم وإن تجاوز معي الخطوط الحمراء أحدفه من قائمة الاصدقاء ومستعدّة لتتبّعهم عدليّا إن تمادوا في مضايقتي على عنواني الإلكتروني». توظيف «الفيس بوك» في الحياة المهنية أمّا الآنسة زهرة فهي من المدمنين على هذا الموقع وهي لا تكاد تتركه الاّ للنوم كما أنها تستغله في عملها لتسهيل الحوار مع رئيسها ومع زملائها وتقول في هذا الاطار : «الفيس بوك» أعظم إكتشاف في الوقت الحالي فإضافة الى أنه وسيلة للترفيه عن النفس ولمخاطبة الاصدقاء فإنه وسيلة عملية متطورة حيث يسهّل عليّ كثيرا العمل مع رئيسي خاصة أثناء سفراته المتواصلة والمتكرّرة وعكس ما يظن عامة الناس ف«الفيس بوك» يمكن إستغلاله أيضا في العمل وفي تنظيم حياتنا المهنية وليس بالضرورة أوقات فراغنا والهروب من مسؤولياتنا والمسألة تنحصر في كيفية التوظيف وكيفية الإستغلال وترتبط إرتباطا وثيقا بعقلية الشباب وبتصوراته. وكما رصدنا من يوظف «الفيس بوك» في حياته المهنية وجدنا أيضا من يستغل هذا الموقع في حياته الشخصية. وتقول في هذا الإطار الآنسة أمال التي لا يتجاوز سنّها الاربعة عشرة سنة : «يظن كثير من الاشخاص أن «الفيس بوك» حكرا على الشباب غير أن الواقع مخالف لذلك تماما فحتى الاطفال لهم الحقّ في ممارسة الحوارات والتواصل مع أصدقائهم وفي هذه الحالة لا فرق بين صغير وكبير فالحوار والتواصل جائز ومشروع لكل الفئات العمرية ولا يقتصر على سنّ معين. البحث عن محبي فريقي المفضّل وفي نفس الموضوع يجيبنا الشاب رامي معلاوي : «أنا استغلّ هذا الموقع للتواصل مع أصدقائي ومع عائلتي ولا أقبل بسهولة الاصدقاء الاّ من كان إسمه مرتبطا بفريقي المفضّل الترجي الرياضي التونسي أو من كان لقبه «معلاوي» مثل لقبي ورغم ذلك إن لم يعجبني الشخص من خلال حواراته وأفكاره أحذفه من قائمة الاصدقاء». ويؤيده الشاب عدي مسعودي بقوله : «الحقيقة أني من محبي الترجي الرياضي التونسي ودائم البحث عن محبين جدد لفريقي المفضل ولهذا بالاساس فتحت عنوانا على «الفيس بوك» كما أني استغلّ هذا الموقع لتكوين صداقات مع مشاهير الرياضة كرونالدو ورونالدينو ومايكل إينرامو... الخداع والتزييف شكل من أشكال «الفيس بوك» ولا يمنع هذا الموقع الاطفال من ممارسة هواياتهم والتواصل مع أصدقائهم بمختلف نقاط العالم وقد صادفنا كثيرا من الاطفال المستعملين لهذا الموقع ونجد منهم شاهين نفزي الذي لا يتجاوز سنه الاثنتي عشرة سنة ورغم ذلك لم يتوان عن إستغلال «الفيس بوك» والبحث عن مشاهير في جميع المجالات ويضيف شاهين قائلا : «رغم أني أسعى الى تكوين صداقات مع المشاهير من فنانين وممثلين ورياضيين عالميين وتوطيد العلاقات معهم عبر هذا الموقع الاّ أنني ورغم صغر سنّي كثيرا ما أكتشف أن من أتواصل معهم لا يمتّون بصلة للمشاهير بل ينتحلون شخصياتهم وينتهكون خصوصياتهم لا لشيء الاّ للإستهزاء بالاشخاص وتزييف الحقائق». أمّا صديقته آية فهي تعتبر أن «الفيس بوك» إهدارا للوقت ولا فائدة تجنى من ورائه نظرا لأن الحوارات نابعة من أشخاص إفتراضيين لا يمكن قراءة نسبة مصداقيتهم من خلال الحوارات الهامشية التي تجرى على هذا الموقع ولهذا أرفض رفضا تاما قبول أشخاص لا أعرفهم. «الفيس بوك» سبب الطلاق وكما طرحنا سؤال على بعض الشبان وبعض الاطفال قمنا أيضا بسؤال السيد محمد يعقوبي الذي يتجاوز سنه الاربعين سنة ويقول بهذا الخصوص : «أنا شخصيا أعتبر أن «الفيس بوك» هو موقع أعتمد لإنتهاك الحياة الشخصية للأفراد حيث أنه كثيرا ما يحمل تفاصيلا مهمّة عن حياة الفرد وحياة أفراد أسرته ومعلومات عن وظيفته وأصدقائه والمحيطين به وصور شخصية... وفي كثير من الاحيان ما تسبّب هذه الجزئيات مشاكل عويصة من شأنها قطع العلاقات العاطفية وهدم الحياة الأسرية وأنا لا أقول ذلك لمجرد القول بل بالعكس أقول ذلك من منطلق التجربة فلدي صديق تعرّض لمشاكل عدّة بسبب «الفيس بوك» وأوشك على تطليق زوجته لكنهما تصالحا في آخر لحظة وفي إطار الجلسة الصلحية الاولى وذلك لعدم تفهّم الزوجة لنشر الزوج لصوره ولقبوله لكثير من الصديقات ولتطوّر علاقتهم من مجرد علاقة إفتراضية الى علاقات مباشرة ولقاءات متواصلة ورسائل إلكترونية وأخرى عن طريق الهاتف الجوّال وهي الدليل الذي أمسكت به الزوجة ضدّ زوجها وإستغلته لصالحها للانفصال عن زوجها لكن الحمد لله تجاوزا في النهاية المشكلة وحذف زوجها كل صديقاته وغيّر رقم هاتفه الجوّال».