إنتاج الغلال الصيفية ذات النّوى يبلغ 245 ألف طن    فص ثوم واحد كل ليلة يكسبك 5 فوائد صحية    مجاز الباب: الإحتفاظ بمفتش عنه من أجل "سرقة مواشي والاعتداء بالعنف الشديد ومحاولة القتل"    محكمة الاستئناف بالمنستير توضّح بخصوص عدم الاستجابة لطلب القاضي أنس الحمايدي    الاثنين : انطلاق الإكتتاب في القسط الثاني من القرض الرقاعي الوطني    بطولة القسم الوطني "ا" للكرة الطائرة (مرحلة التتويج-الجولة 4): البرنامج    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الأحد 5 ماي 2024    سيدي بوزيد: إحداث أول مخبر بحث عملي بكلية العلوم والتقنيات    أريانة: الكشف عن وفاق إجرامي وحجز كمية من الهيروين وسلاح ناري أثري    رسميا "ناجي جلّول " مرشّح حزب الإئتلاف الوطني للإنتخابات الرئاسية    حقيقة الترفيع في تعريفات الكهرباء و الغاز    كأس تونس لكرة اليد... «كلاسيكو» من نار بين «ليتوال» والترجي    مستقبل سليمان اتحاد بنقردان (0 1) خبرة الضيوف كانت حاسمة    الإدارة الجهوية للتجارة بولاية تونس ترفع 3097 مخالفة خلال 4 أشهر    سهرة تنتهي بجريمة قتل شنيعة في المنزه التاسع..    تفاصيل الاكتتاب في القسط الثاني من القرض الرّقاعي الوطني لسنة 2024    مختصّة في أمراض الشيخوخة تنصح باستشارة أطباء الاختصاص بشأن أدوية علاجات كبار السن    المهدية: الاحتفاظ بشخص محل 15 منشور تفتيش وينشط ضمن شبكة دولية لترويج المخدرات    للمرة ال36 : ريال مدريد بطلا للدوري الإسباني    أمين عام منظمة التعاون الإسلامي يدعو لوقف حرب الإبادة في غزة وحشد الدعم للاعتراف بدولة فلسطين    ظهرت بالحجاب ....شيرين عبد الوهاب تثير الجدل في الكويت    البرازيل: ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات إلى 58 قتيلا و67 مفقودا    هذه مواعيدها...حملة استثناىية لتلقيح الكلاب و القطط في أريانة    زلزال بقوة 5 درجات يضرب جنوب شرقي البيرو    طقس اليوم الأحد...أجواء ربيعية    جندوبة: إنطلاق عملية التنظيف الآلي واليدوي لشواطىء طبرقة    جامعة الثانوي تدعو الى وقفة احتجاجية    نتائج الدورة 28 لجوائز الكومار الادبي    لتحقيق الاكتفاء الذاتي: متابعة تجربة نموذجية لإكثار صنف معيّن من الحبوب    الرابطة المحترفة الثانية : نتائج مباريات الدفعة الأولى للجولة الحادية والعشرين..    هند صبري مع ابنتها على ''تيك توك''    شيرين تنهار بالبكاء في حفل ضخم    تونس العاصمة : الإحتفاظ بعنصر إجرامي وحجز آلات إلكترونية محل سرقة    انتخابات الجامعة:إسقاط قائمتي التلمساني و بن تقية    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    روسيا تُدرج الرئيس الأوكراني على لائحة المطلوبين لديها    4 ماي اليوم العالمي لرجال الإطفاء.    تمّ التحوّز عليه منذ حوالي 8 سنوات: إخلاء مقر المركب الشبابي بالمرسى    صفاقس :ندوة عنوانها "اسرائيل في قفص الاتهام امام القضاء الدولي    عروضه العالمية تلقي نجاحا كبيرا: فيلم "Back to Black في قاعات السينما التونسية    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    لهذا السبب.. كندا تشدد قيود استيراد الماشية الأميركية    عاجل/ القبض على شاب شوّه وجه عضو مجلس محلي بهذه الحهة    14 قتيلا جراء فيضانات... التفاصيل    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    التوقعات الجوية لليوم    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    قتلى ومفقودون في البرازيل جراء الأمطار الغزيرة    نتائج قرعة الدورين ثمن وربع النهائي لكاس تونس لكرة القدم    كأس تونس لكرة القدم- الدور ثمن النهائي- : قوافل قفصة - الملعب التونسي- تصريحات المدربين حمادي الدو و اسكندر القصري    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها (رئيس دائرة الإنتاج الحيواني)    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهادي القلسي: صفاقس الأكثر انتهاكات في تاريخ البلاد بنسبة 10.5% من جرائم الدولة والنظام بحوالي 6500 ملف
نشر في حقائق أون لاين يوم 21 - 03 - 2017

أكد رئيس مكتب صفاقس لهيئة الحقيقة والكرامة...
أكد رئيس مكتب صفاقس لهيئة الحقيقة والكرامة المعنية بملف العدالة الانتقالية التونسية الهادي القلسي أن جهة صفاقس تعد الأكثر انتهاكا للحقوق وتعدٍّ على الحريات بعد تلقي مكتب صفاقس 4781 ملفا من قبل ضحايا جرائم الانتهاكات خلال الفترة التي حددها قانون العدالة الانتقالية التونسية أي ما بين سنتي 1955 و2013، وذلك في انتظار إحالات ملفات أخرى من الهيئة المركزية لمبلغين من جهة صفاقس كانوا قد أودعوا ملفاتهم لدى الهيئة المركزية قبل إحداث مكتب صفاقس، وحسب القلسي فإن ارتفاع عدد تلك الانتهاكات بصفاقس مرده الطبيعة النضالية للجهة والتزامات أبنائها نقابيا وسياسيا ومعارضة للنظام، فضلا عن الاستهدافات التي عانتها الجهة ومنتسبيها ولاتزال انعكاساتها ماثلة جراء السياسات السابقة من تاريخ الدولة الوطنية.
الهادي القلسي أفادنا خلال لقاء خاص جمعنا به أن المكتب الذي يشرف عليه أنجز ما يزيد عن 2000 جلسة استماع إلى الضحايا أو من يمثلهم حسب حقيقة إيداع الملفات. وذلك بعد نهاية مرحلة قبولها في 15 جوان 2016 والتي شُرع فيها منذ 14 سبتمبر 2015، على أن مرحلة الإصغاء إلى ضحايا الانتهاكات شملت من تأكدت فيهم صفة الضحية بعد دراسة مضامين شكاواهم وتمحيص مضامين ملفات إفادتهم ووجاهة الانتهاكات الحاصلة حسب المبلغين عنها.
1553 امرأة... وجرائم بالجملة
حسب الهادي القلسي فإن 1553 ملفا تلقاها المكتب هي لنساء تعرضن إلى حالات انتهاك وتعد طال كرامتهن وشرفهن وحقوق أخرى وذلك بنسبة 32% من جملة 4781 ملفا تلقاها مكتب صفاقس من قبل ضحايا جرائم الانتهاكات، والتي تراوحت بين الاغتصاب والتحرش والقتل العمد والتعذيب والإيقافات والتضييقات، والمراقبة الإدارية -الإقامة الجبرية- وانتزاع الملكية، وانتهاك الحريات الشخصية وحرمة المسكن وسلامة المعطيات الشخصية، وحرية التنقل، والمنع من العمل، والطرد التعسفي، والعزل، والتجميد والمنع من الارتقاء في سلم التدرج المهني وغيرها... وينتمي غالب المبلغين إلى جهة صفاقس ومعتمدياتها بالانتساب والإقامة، وكذلك إلى ولايات جوار صفاقس أو ولايات الجنوب وعددها 200 ملفا لمواطنين من ولايات قابس وتوزر وقبلي وسوسة والمهدية والقيروان.. وذلك لفترة سبقت انطلاق مكاتب فرعية للهيئة بتلك الولايات.
انتهاكات ما بين غرة جويلية 1955 و 31 ديسمبر 2013
ويفيد الهادي القلسي أن مضامين تلك الانتهاكات تعود إلى تاريخ أزمات من الأحداث الوطنية التي كانت فيه الدولة التونسية طرفا في الانتهاكات الحاصلة عبر مؤسساتها أو منتسبين إليها أومنتفعين بحمايتها من مثل الأزمة اليوسفية بُعَيْد الاستقلال، وكبرى محطات النضال النقابي على غرار أحداث 06 جانفي1978 الموسومة بأحداث "الخميس الأسود" وأحداث قفصة، وأحداث 3 جانفي 1984 المعروفة ب"انتفاضة الخبزة"، وما يعرف بالمجموعة الأمنية 87-88، وما يعرف بأحداث 07 نوفمبر 1987، وأحداث إيقافات التسعينات بدءا من العام 1990 والتي شملت مختلف القواعد المعارضة للنظام من اليسار والقوميين والإسلاميين.. وقضية براكة الساحل 1991 ومحاكمات 1992، وشكاوى قمع وتهميش المناضلين والمقاومين صلب الحركة الوطنية، ومعركة الجلاء ببنزرت.. ومختلف الصراعات بين سلطة والمؤسسة الأمنية ومعارضي النظام...
تسجيل الانتهاكات وتقنيات معالجة الملفات
رئيس مكتب صفاقس لهيئة الحقيقة والكرامة الهادي القلسي قدم لنا التمشيات المعتمدة في تسلم ملفات المتضررين ومعالجة مضامينها وحفظ مكوناتها من وثائق الإثبات والمستندات والأدلة... التي يقدمها المتضررون أو من يمثلهم خلال عمليات الإيداع التي تمت في آجاله المذكورة آنفا بعد أن يتم التثبت في الوثائق وتسليم المعني وصل إيداع يثبت تقديم الملف بعد نسخه، ومن ثم تنزيلها بالمنظومة إلكترونيا مرقمنة في صيغة وثائق PDF على قاعدة بيانات الهيئة، علما وأن الهيئة تتعامل مع مختلف فروعها عبر شبكة داخلية وفق منظومة الإنترانيت. فيما يتم حفظ بقية الوثائق الورقية داخل خزانة مصفحة مخصصة للغرض. على أن عمليات الفرز الأولي تتم بمقر الإدارة المركزية للهيئة التي تقوم معالجة فحوى الملفات استنادا إلى معيار أول وهو ثبوت تحقق الانتهاك في الظرفية المحددة أي المجال الزمني للانتهاك بين 1 جويلية 1955 و 13 ديسمبر 2013 . أما المعيار الثاني لجدية وجدوى الملف وصدقيته خلال عملية المعالجة تلك فهو التأكد من ثبوت تورط الدولة التونسية كطرف في الانتهاك الحاصل إما عن طريق مؤسساتها وأجهزتها الرسمية أو من قبل أشخاص أو مجموعات يتمتعون بحماية الدولة وتحصينها لهم، ويعتبر هذان المعياران شرطا قبول أساسي لملفات الانتهاك المعروضة على الهيئة وفروعها.
جلسات الإصغاء وتقنيات الاستماع
6500 ملفا هو الحصيلة الإجمالية الحصرية لقضايا الانتهاك المسجلة في ربوع صفاقس من قبل مبلغين عنها خلال الفترة التي حددها قانون العدالة الانتقالية وهي معطيات تؤكد استهدافات الجهة تاريخيا بجرائم الانتهاك نظرا لثقلها الديمغرافي والنضالي النقابي و النشطاء السياسيين والمعارضين لمختلف السياسات والحكومات المتعاقبة من الزمن البورقيبي والنوفمبري حسب الهادي القلسي، وبذلك تكون صفاقس الأولى انتهاكا وتضررا بنسبة 10.5% من جملة الانتهاكات المسجلة وطنيا وعددها 62 ألف انتهاكا أي بنسبة 3% لكل ولاية على أن تلك النسب تبقى متفاوتة مع تسجيل ارتفاع للانتهاكات بولايات الجنوب التونسي بدءا من صفاقس. وهذه الحصيلة ستشتغل عليه خلايا الاستماع التابعة للمكتب الفرعي للهيئة بصفاقس وهي تشمل مبدئيا 4600 ملفا تلقاها المكتب مباشرة من المتضررين أو مبلغين ينوبونهم، فضلا عن إحالات واردة على المكتب من الهيئة المركزية كانت قد تلقتها قبل أن يقع إحداث مكتب صفاقس وهذه يبلغ عددها حوالي 2000 ملفا.
وقد شرع مكتب صفاقس بداية من 13 جوان 2016 في جلسات الاستماع، - وهو أول فرع للهيئة يتم إحداثه وهو الأول من حيث قبول الملفات وانطلاق جلسات الاستماع-. جلسات الاستماع بمكتب صفاقس انطلقت في البدء بفريق واحد ليبلغ عدده 06 فرق في انتظار تعزيزها بفريق سابع خلال الفترة القادمة. من الناحية التقنية يتكون فريق الاستماع عادة من شخص ذي تكوين حقوقي قانوني، وعون ثانٍ مختص في الخدمة الاجتماعية أو علوم الاجتماع والنفس أو كليهما، وقد تم انتدابهم من قبل الهيئة المركزية بعد خضوعهم لفترة اختبار دامت 03 أشهر، وذلك وفق مقومات وكفاءات حددتها بلاغات الانتداب التي نشرتها الهيئة على صفحتها الرسمية للعمل خلال فترة عمل الهيئة وهو أربعة سنوات تنتهي سنة 2018 مع إمكانية التمديد بسنة أي عام 2019 وفق مقتضيات القانون عدد 53 للعام 2013 المحدث لهيئة الحقيقة والكرامة.
وقد وقع إخضاع هؤلاء المنتدبين لدورات تكوينية مكثفة تتصل بالتدريب على أساليب الإنصات وطرق الإصغاء للغير والإفادات الخاصة بوقائع الانتهاكات وذلك تحت إشراف فرق مختصة من تونس وخارجها استفادة من تجارب دولية في مجال العدالة الانتقالية.
2000 حصة استماع لضحايا صفاقس
ألفا حصة استماع إلى حدود موفى فيفري2017، حققتها فرق الاستماع الستة لمكتب صفاقس لهيئة الحقيقة والكرامة المعنية بملفات العدالة الانتقالية بعد الثورة التونسية، وهو ما يعادل 3500 ساعة استماع إلى ضحايا الانتهاكات التابعة إلى جهة صفاقس أي ما معدله 95 دقيقة للحصة الإصغائية الواحدة حسب إفادة رئيس المكتب الهادي القلسي. عمل يومي دؤوب تؤمنه نخبة من الشباب التونسي استوفى حوالي نصف الملفات المناطة بعهدتهم، في انتظار إحالة ألفي ملفا آخر من الهيئة المركزية كان أصحابها قد قدموها إليها في بداية عمل الهيئة وقبل انطلاق مكتب صفاقس منتصف2015 . ''بلوغ ثلث المسؤولية الموكول إلينا مشجع للفريق العامل بمكتب صفاقس من أجل استيفاء كل الملفات بحلول الآجال والغاية القانونية والمسؤولية الأخلاقية ذلك هو هدفنا'' هكذا عبر القلسي عن ارتياحه لروح المسؤولية التي يتعاطى بها فريق مكتبه في إطار من التعاون والتكامل والتسامع والجدية والالتزام حسب وصفه.
على مدى 5 أيام أسبوعيا ودونما انقطاع يعمل فريق المكتب من الساعة الثامنة والنصف صباحا إلى حدود الخامسة والنصف مساءا في إطار المرحلة الثانية وهي الإصغاء إلى ضحايا الانتهاكات مالم تقتضي الضرورة استكمال بعض حصص الإصغاء وتمديدها الزمني إلى ما بعد التوقيت الإداري وفق الحاجة والضرورة. علما وأن المكتب يستمر عملا في مسائل تنظيمية وإدارية و تقييمية وإحصائية وتدريبية في سياق التنظيم الذاتي والرسكلة والتكوين المستمر للفريق العامل، مالم تقتضي الضرورة إنجاز حصص استماع أصلية أو استيفائية مراعاة لظروف عمل أو تنقل ضحايا الانتهاكات والتزاماتهم العائلية و حالاتهم الصحية وأحوالهم الشخصية...كما بينه لنا الأستاذ الهادي القلسي رئيس المكتب.
الإطار التنظيمي والتمهيدي للاستماع
من الناحية التنظيمية يقع اتخاذ جملة من التدابير التمهيدية لإعداد جلسات الإنصات إلى الضحايا تحقيقا لأهدافها الأخلاقية والقانونية والإنسانية حسب تقدير الأستاذ الهادي القلسي. تبدأ العملية بالاتصال الهاتفي بصاحب الملف أو من يمثله حسب المعطيات الشخصية المسجلة لدى عملية إيداعه، ومن ثم تحديد موعد يتوافق عليه الطرفان لإنجاز حصة الاستماع التي يتم خلالها سرد تفاصيل أحداث الانتهاك والتّدليل عليها، وذلك بعد استكمال الإجراءات الإدارية، التي تسبقها تمشيات بيداغوجية تتصل بالاستقبال والتأطير والتأهيل النفسي والتحسيس بالأهمية التسجيلية والتاريخية والقانونية والإنسانية لما تقدم الضحية على روايته وسرده من تفصيل الانتهاك، بعد تعمير إفادة قانونية يوقع عليها كل من فريق العمل والضحية كمستندات التزام فضلا عن وصل تسلّم للوثائق المقدمة للغرض محصية عددا ومن ثم توديع الضحية أو التواعد على موعد لاحق لاستكمال الإفادة في حال عدم كفاية حصة واحدة للاستماع.
ما بعد الاستماع: التقصي والتكييف
من المتوقع ختم حصص الاستماع نهاية النصف الثاني من العام 2017 وبالتوازي مع ما تبقى من مدة زمنية تشتغل الهيئة من خلال عمليات البحث والتحري والاستقصاء لإسناد صفة الضحية لمن يستحقها وهذه هي مرحلة الفرز الثانية للملفات المقدمة إلى هيئة الحقيقة والكرامة للعدالة الانتقالية التونسية. وببلوغ هذه المرحلة الدقيقة من التحري والتمحيص يقع تكييف ملفات الضحايا باعتبار وجاهة وصدقية الانتهاك وإسناد صفة الضحية لصاحب الملف بما يمكنه من إدراج اسمه ضمن قائمة ضحايا الماضي وتضمين اسمه ضمن السجل الذهبي لضحايا انتهاكات الحقوق الإنسانية بالبلاد التونسية بين 1955 و2013، ثم إعداد استمارة جبر ضرر للضحية. أما في حال عدم قبول الملف في المرحلة الأولى أو الثانية يتم إعلام المعني بالأمر بصفة رسمية بقرار الهيئة التي لا ترى دواعي وجيهة لاصباغ صفة الضحية عليه، وهو أمر يعطي صاحب الملف حق الطعن في القرار إن رأى في ذلك عدم انصاف وقدم أدلة و قرائن جديدة حسبما صرح به لنا الهادي القلسي.
صعوبات ملف العدالة الانتقالية
الهادي القلسي أكد لنا من ناحية أخرى أن ملف العدالة الانتقالية في تونس ما بعد الثورة شهد عديد التعثرات نتيجة حالة التجاذب بين الفرقاء السياسيين التونسيين، زادته قلة الوعي أو حتى انعدامه وحالات التردد حول جدوى مسار العدالة الانتقالية لدى الضحايا بسبب حالات التشويش الإعلامي ربما وأحيانا جعل الهيئة تمدد قانونيا في فترة قبول الملفات إلى حين ختمها في 15 جوان2016 . كل هذه الحيثيات جعلت الفريق العامل بمكتب صفاقس يلتزم مجموعة من الضوابط المهنية والمعايير الأخلاقية في التعاطي مع أصحاب ملفات الانتهاك على أساس اتخاذ ذات المسافة من كل الضحايا أيا كانت مشارابهم واتجاهاتهم والمرحلة الزمنية التي سجل خلالها الانتهاك، وذلك بحسن استقبالهم والتعامل معهم بروح الإخاء الإنساني، وتفهم الطبيعة النفسية لأصحاب الملفات والإفادات ضمانا لحسن التواصل معهم وتلقي إفاداتهم بتفاصيلها التي يرتجون تقديمها وإبلاغها، ''وهو أمر يتطلب تدربا على الصبر وسعة البال وانتهاج مبدأ الأبواب المفتوحة والعمل الدؤوب دون تكبيل الحدود الزمنية، مع تحطيم كل قواعد البيروقراطية الإدارية التي تعرقل مصداقية عمل الهيئة ومقاصد انبعاثها القانوني والحقوقي والأخلاقي والإنساني.. مع التسلح بكل أدوات العمل ماديا فيما يتصل بأدوات وتقنيات العمل ووسائله المكتبية والإدارية وهو ما ضمنته الهيئة المركزية من حيث ترتيب المكتب وتجهيزه بتقنيات التسجيل الصوتي والمصور وأجهزة الحاسوب المحترفة والبرمجيات والتطبيقات المعلوماتية المطلوبة في طرائق عملنا في هذا الصدد، فضلا عن التحلي بكفاءات مهنية عالية تستوجب حسن التصرف في المواقف المستجدة مع التمكن من الدقة القانونية ووحدة المصطلحات إزاء الوقائع وحيثيات الملفات'' والحديث للسيد القلسي. الذي أفادنا أيضا أن سلاح التكوين المستمر والتدريب الأسبوعي من خلال تقييم عمل الفريق المكون لمكتبه وقوامه 13 عونا بينهم رئيس المكتب و3 أعوان إداريين وعون حجابة و توضيب و12 عون استماع بمعدل عونين اثنين لكل فريق استماع، بالإضافة إلى أخصائي نفسي يتوفر على ذمة الحالات الخاصة التي تستوجب تدخلات نوعية وإحاطة نفسية. وبذلك يتسنى تجديد المعارف عبر التشاور والمعالجة للمسائل الخلافية والوضعيات الطارئة التي لم يسبق التعرض لمثيلاتها، أو عبر التشاور مع الهيئة المركزية، علاوة عما يطرح من تواصل علائقي سلس ومودودي بين أعضاء الفريق على أساس التعاون والتكامل والمردود الجماعي والحصيلة الموحدة تحقيقا للأهداف النبيلة و المرجعية السامية التي قامت عليها العدالة الانتقالية التونسية بوصفها مشروعا له خصوصياته القطرية رغم استفادته وانفتاحه على كبرى المشاريع والتجارب الدولية المسجلة في مادة العدالة الانتقالية على قلتها وأهميتها.
إجراءات إنسانية استثنائية
لم يستبعد الهادي القلسي رئيس مكتب صفاقس لهيئة "الحقيقة والكرامة" للعدالة الانتقالية التونسية - وهي هيئة دستورية يستمر عملها 4 سنوات قابلة للتمديد لسنة وحيدة أقصاها 2019- أن تتواصل حالة التردد والشك في قيمة وجدوى مسار العدالة الانتقالية في الحالة التونسية طالما لم تتحقق أية نتائج عملية محسوسة تنهي حالات الظلم والانتهاك الحاصلة خلال حقبة الدولة الوطنية قبل الثورة ومستتبعاتها إلى موفى العام 2013، "على أننا نتسلح بالصبر والأناة أمام نبل الهدف والقيمة الاعتبارية لملف العدالة الانتقالية ككل وللانتهاكات الحاصلة من حيث الأهمية الإنسانية والحقوقية للوقوف على طبيعة الجرائم المرتكبة والتحقق من الأسباب التي أدت إليها ومنع عدم تكرارها في المستقبل وتبصير الأجيال القادمة لمخاطر وفداحة ولاإنسانية ولامعقولية ولاذوقية.. ماحصل وضمانات لعدم العود والتكرار أو مخاطر التطبيع مع الانتهاك والظلم.. وحتى نحقق ضمانات المصالحة الوطنية الشاملة.. على أن الهيئة المركزية للعدالة الانتقالية اتخذت عديد التدابير العاجلة والاستثنائية كما وصفها الهادي القلسي في خصوص بعض الملفات التي أُسندت لأصحابها صفة الضحية بعد ثبوت جدية انتهاكاتها عبر التحري والاستقصاء والتحقيق..وذلك بمعالجات عاجلة داخل حدود مسؤوليات الهيئة قانونيا وماليا مثل تقديم إعانات عينية واجتماعية لبعض الحالات، أو التكفل الصحي لحالات أخرى وغيرها من التدخلات على غرار ما أنجزه مكتب صفاقس لفائدة بعض الوضعيات قانونية بالتعاون مع المندوبية الجهوية للشؤون الاجتماعية بصفاقس من تغطيات صحية لظروفها العلاجية المستعجلة. ''أو التدخل لوضعيات أخرى مع تنظيمات من المجتمع المدني التي ساهمت مشكورة في تبني عددا من الحالات الاجتماعية، أو ما تفضل به أطباء من القطاع الخاص وجهات من القطاع الخاص بتكفل ببعض الوضعيات الاجتماعية والصحية الملحة'' كما نوه بذلك الأستاذ الهادي القلسي.
القلسي لفت الانتباه إلى صعوبات أخرى تعيق عمل مكتبه ولا يستبعد تكررها في مكاتب أخرى ونعني بها صعوبة التواصل مع أصحاب بعض الملفات في ظل تغيير أرقام الهاتف الجوال المضمن بالملفات أو أخطاء الترقيم حسب المعطيات الشخصية لمودعي الملفات لدى هيئة الحقيقة والكرامة وفروعها الجهوية، الأمر الذي تطلب مجهودات إضافية وشخصية من رئيس المكتب بالتنسيق مع عدد من الجمعيات والمنظمات والنشطاء المدنيين والحقوقيين والجهات الإعلامية كالإذاعات وغيرها.. "وهي جهود أثمرت إبلاغ الكثير من المعنيين بضرورة الحضور إلى المكتب لتسجيل حصص الإصغاء المطلوبة، ولكن رغم ذلك مازال أمامنا الكثير من العمل للتواصل مع أصحاب ملفات انقطعت جسور تواصلهم مع مكتب أو فروع الهيئة الأخرى ولا سيما من هم ليسوا مقيمين بصفاقس لذلك نضع على ذمة هؤلاء رقم الاتصال المباشر بمكتب صفاقس لهيئة الحقيقة والكرامة في القريب العاجل وهو التالي: 70020466. أو بالحلول مباشرة بمقر المكتب بعمارة المجد الكائن بشارع قرطاج طريق قرمدة كلم 0.5 – منطقة صفاقس الجديدة- قرب باب الجبلي''.
ونحن نزور مقر هيئة الحقيقة والكرامة للعدالة الانتقالية التونسية استوقفتنا حالات من ضحايا انتهاكات الماضي روت لنا بلوعة وألم جوانب من معاناة الاضطهاد والتضييق والتنكيل.. لا تقل هولا وبشاعة عما شاهدناه وسمعناه من روايات خلال جلسات الاستماع العلني على الشاشات الوطنية التونسية، مستحضرين مسار العدالة الانتقالية في نسخته التونسية، مستشرفين نتائجه عسى أن تكون مقدمات للتعجيل بمصالحة الوطنية انتظرها الشارع التونسي وحتى لا يتكرر الماضي وآلامه بما كان وما ولّى إلى غير رجعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.