لم تكن الاندية التونسية يوما بعيدة عن السياسة او خارجة عن الفلك الذي تدور فيه وحوله.. فقد كانت على امتداد عقود تسبح بحمد الحزب الواحد والزعيم الواحد والصانع الواحد.. فالجمعيات الرياضية كانت دائما ضمن «المنظومة الواحدة» والنظام الاوحد الذي حكم البلاد والعباد على امتداد عقود بالحديد والنار. ومثلما احكم هذا النظام قبضته على كل مفاصل الدولة فانه لم يكن ليسمح بان تخرج الجمعيات الرياضية وما تعنيه من جماهيرية وامكانيات وفرص هائلة للتعبئة عن قبضته وسيطرته المطلقة والمحكمة لذلك لم يكن يسمح لغير اتباعه من المنسجمين والمنخرطين تماما في المنظومة بتولى دواليب التسيير في الجمعيات الرياضية.. وحتى «رؤوس» هيئات او لجان الاحباء كانت في الغالب من أبناء الشعب الدستورية الاوفياء او من المنسجمين مع المنظومة او من المعروفين تمام المعرفة من السلطات الامنية. بأن «لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.. على الاقل من جانب اقحام الجماهير الرياضية في المسائل السياسية… بعد الثورة المباركة تغيرت طبعا المعطيات واختلطت الأوراق واصبح بامكان غير المنسجمين «والمناوئين» من منظور النظام البائد ان «يتطوعوا» لخدمة الجمعيات الرياضية. فهبت نسمات الحرية على هذه الجمعيات مثلما هبّت علي كلّ مكونات الدولة والمجتمع لكن الى جانب تعدّد ألوانها أصبحت الجمعيات الرياضية بمثابة الفسيفساء السياسية بالنظر لتنوع انتماءات مسيّيريها فهل تحتمل الاندية والجمعيات الرياضية تنوعا آخر غير تعدد الالوان؟ قطعا لا.. فالجمعيات الرياضية تقوم على المنافسة تماما مثل الاحزاب السياسية لذلك لا ينغبي ان تكون هذه المنافسة مزدوجة فاما رياضية او سياسية. ولكم ان تتصوروا مدى الخطورة التي تكمن في الجمع بين الاثنين.. نقول هذا بعدما وقفنا على ما حصل في النادي الافريقي… هذه الجمعية العريقة التي وجدت نفسها في «مهبّ» السياسة لأن رئيسها يضطلع في نفس الوقت برئاسة حزب سياسي ولا يخف طموحاته السياسية طبعا الخطأ ليس في رئيس هذه الجمعية سليم الرياحي بل في القوانين البالية والمراسيم. التي انجزت على عجل مثل المرسوم عدد 88 لسنة 2011 الذي كان مصدر «الزوبعة» التي حصلت في جمعية النادي الافريقي لانه افتقر الى الدقة وفتح الباب على مصراعيه لتأويلات وتفسيرات مختلفة واذا كان هذا المرسوم قد منع الجمع بين المسؤوليات الحزبية السياسية والمسؤوليات الرياضية فقد كان من باب اولى واحرى ان يشير صراحة الى الجمعيات الرياضية.. لان خطر السياسة سيكون اكبر عليها من بقية الجمعيات المدنية.