شكل انتخاب رجل الأعمال عبد الحميد الدبيبة رئيسا للحكومة الانتقالية في ليبيا مفاجأة للكثيرين، ورأى فيه البعض دليلا على قدرة رأس المال على تجاوز الخنادق والاختلافات السياسية، فالدبيبة، المهندس المنحدر من أسرة ثرية من رجال الأعمال، سبق أن عمل وتولى إدارة مؤسسات إبان حكم النظام الليبي السابق؛ ووصفه البعض بأنه كان من المقربين من العقيد معمر القذافي، لكنه تمكن من المحافظة على أعماله ونشاطاته التجارية في أعقاب إسقاط نظام القذافي، وبنى مجموعة تجارية لها فروع في مختلف أنحاء العالم. لم يمض الكثير منذ أن مُنحت حكومة الوحدة برئاسة الدبيبة الثقة من قبل البرلمان الليبي، وبالنظر إلى الوعود والتعهدات والأهداف التي أطلقها، بدأت الشكوك ترواد الكثيرين حول مدى جديته في تحقيق هذه الأهداف. وفق عديد التقارير فإن مايحدث من تطورات يشير إلى عكس ذلك، فقد قام البرلمان الليبي مؤخراً برفض اعتماد الميزانية التي اقترحتها حكومة الوحدة، معللا السبب بأن مواد في مشروع الميزانية تبيح لوزارة المالية التصرف في مخصصات مالية كبيرة من دون إذن من السلطة التشريعية "مجلس النواب". وحذر من أن هذه المواد تفتح المجال أمام احتمال استخدامها في غير خطة الحكومة المقررة من البرلمان، وبعيدا عن الرقابة، كما أن الحكومة لم توضح في مشروع الميزانية أهدافها على شكل برامج ومشاريع واضحة.
كما وعد الدبيبة بتحسين الأوضاع المعيشية ورفع المعاناة عن المواطن الليبي بتوفير السيولة في المصارف ومعالجة أزمة الكهرباء وإعادة سيادة ليبيا، وحل الميليشيات وإنهاء الفلتان الأمني في العاصمة طرابلس، وتوحيد الجيش وافتتاح الطريق الساحلي وإنهاء عمليات تهريب السلع التموينية والمشتقات النفطية، وبالنظر إلى واقع الحال، فإن الدبيبة أوفى بوعوده تجاه الدول المعنية بالملف الليبي وبدول الغرب فقط.
وبدءا من معضلة الميليشيات التي تمارس سطوتها على السكان المدنيين في عدد من مناطق ليبيا، وتنديد العديد من المنظمات الحقوقية بالجرائم التي ترتكبها هذه الجماعات المسلحة ووضع معظمها على قوائم الإرهاب، لم يقم الدبيبة بأي إجراءٍ لمعالجة هذه المشكلة أو للحد منها.
وحتى المسار العسكري وتوحيد الجيش، فإن الدبيبة وفي أكثر من مناسبة قام بتعكير صفو أجواء المصالحة بين شرق وغرب ليبيا، كما أن كتائب وفرقاً عسكرية ترفض أوامره كقائد للجيش باستمرار، وخصوصاً بما يتعلق بإعادة افتتاح الطريق الساحلي الحيوي.
وصولاً إلى ملف المصالحة، التي لم تحرز اي تقدم يذكر بعد فعديد المدن خاصة في الشرق على رأسها بنغازي ترفض استقبال الدبيبة خاصة بعد تصريحاته الأخيرة التي قال فيها إن بنغازي ستعود إلى حضن الوطن. وتقول تقارير إنه بدلاً من توحيد الجيش سعى دبيبة للسيطرة على المؤسسة العسكرية، دون أن يعمل على وضع حد للميليشيات العسكرية المنتشرة في البلاد.