تبدأ حقائق أون لاين نشر جزء من تاريخها والذي بدأ كمجلة سنة 1979 ناطقة باللغة الفرنسية في مرحلة اولى ثم وابتداء من سنة 1984 كمجلة مزدوجة اللسان (عربي فرنسي). و تحولت حقائق من مجلة الى جريدة بعد 14 جانفي 2011. بتاريخ 13 مارس 2013 تحولت حقائق الى موقع الكتروني تحت تسمية حقائق أون لاين. ___________________________الجمعة 3 أوت 1984 مع العائلات : اللحظات الاخيرة ... سمير عبد الله ساعات معدودة بقيت في انتظار الحدث... بعض العائلات رابطت امام سجن 9 افريل مترقبة فتح الابواب الحديدية السميكة... لا يهم لفح الشمس وطول الانتظار وحتى البقاء بدون طعام طيلة ساعات... المهم بالنسبة لهذه العائلات هو تلك اللحظة التي ينتهي فيها كل شيء: استقبال السجين والارتماء بين احضانه وتبادل قبلات الفرح الممتزجة بدموع اللوعة والمعاناة... اسئلة محيرة البعض الاخر من العائلات لا ينقطع عن التردد على مقر وزارة الداخلية او الادارة المركزية للسجون التي تقع في نهج محاذ لاستقاء اخر الاخبار عن السراح .. هل سيتحقق فعلا ؟.. هل سيشمل كل مساجين الاتجاه الاسلامي الستة عشر.. ؟ وفي اي يوم ؟ و في اي ساعة؟". كل هذه العائلات قرأت يوم السبت خبرا بالصحف اليومية. الخبر يقول ان لحنة العفو اجتمعت بمقر وزارة العدل ونظرت في الملفات المعروضة عليها.. جرس الهاتف في مكاتب مجلتنا يرن :"هل لكم علم بمقررات لجنة العفو ؟ هل القائمة تشمل كل المساجين ؟.. الاسئلة مباشرة وملحة وتطلب جوابا فوريا وواضحا .. جوابنا كان : ان شاء الله .. ترقبوا قليلا..". يوم الجمعة ذهبت لزيارة بعض العائلات في منازلها .. البداية كانت بزيارة الشيخ راشد الغنوشي .. البيت الذي زرته مرتين فيما سبق . لم اتعرف عليه بسهولة هذه المرة.. انهج ضاحية بن عروس هي اشبه بالغابة فلا لوحات تحمل اسماء هذه الانهج ولا ارقام مكتوبة على ابوب المنازل!... مرح و حذر حيرتي سببها بسيط!.. وجهة الفيلا التي تسكن بها عائلة الغنوشي لبست ثوبا جديدا.. الجدران الخارجية وقع طلاؤها بالاصفر .. والحديقة انبتت ازهارا لم تكن موجودة! .. دخلت المنزل .. فكانت السيدة فاطمة وابناؤها في استقبالي.. وكان الاستقبال جد حار ولطيف .. قدمت لي الحلويات والمشروبات.. وانطلق الحديث تلقائيا .. تحدثنا عن كل شيء .. وكنا اغلب الوقت نمزح! السيدة فاطمة صاحبة نكتة ومرحة! .." سازور الشيخ غدا السبت وكل رجائي ان تكون الزيارة نهاية الرحلة .. رحلة الفراق!".. الشيخ كعادته دوما معنوياته من حديد!.. وهو ليس بمتلهف لتصديق الاخبار الرائجة حول اطلاق سراحه .. انه يستمع اليها بحذر!.. احدى قاعات البيت .. تحولت الى معمل نجارة.. النجار منكب على الالواح يقصها ويرطبها.. انه على وشك الانتهاء من اعداد غرفة النوم الجديدة.. ". الابناء من ناحيتهم كانوا طبيعيين.. صامتين في بعض الاحيان ويكثرون من الصخب والهرج في الكثير من الاحيان!.. وعندما اعلنت مقدمة البرامج على شاشة التلفزيون عن برنامج للصور المتحركة تركونا وحدنا ليجلسوا امام الشاشة!.. العيد السؤال الذي استقبلتني به جل العائلات الاخرى هو نفسه "هل ستنتهي مأساتنا فعلا يوم 3 أوت ؟" عائلات بن عبد الله والدمني ونوير وكركر وشمام وغيرها منشغلة بهذا السؤال وكلما تقدمت الساعات اشتد الصراع بين الامل والشك... ...........