اعتبر رئيس الجمهورية المؤقت محمد المنصف المرزوقي انّ تونس لا تقارن بدول الربيع العربي فهي لم تعرف الحرب، ولا الانقلاب العسكري ولا الانفلات، والتماسك فيها موجود والجيش ظل وطنياً ويحمي الشعب، والشرعية متواصلة، والحوار الوطني موجود والفرقاء ذاهبون إلى ايجاد الحلّ حسب قوله. واستدرك المرزوقي حديثه الذي اجراه مع صحيفة الدستور الاردنية بالقول انّ هذا لا يعني ان الانتقال الديمقراطي سهل، فقد عاشت البلاد وفق رأيه أزمات وحرائق لكن كل هذا لم يؤثر في الجسم الذي ظل متماكسا. وشدّد رئيس الجمهورية المؤقت على أنّه في الصيف الماضي بعد اغتيال المرحوم محمد البراهمي حصلت محاولة انقلاب لتستولي على الشرعية والدولة بالقوة، وجرت محاولة للاستيلاء على المجلس التأسيسي والاستيلاء على مقرات الحكم في الولايات إلى درجة ان ناسا ذهبوا وكلموا الوالي وقالوا له: نحن اخذنا المفتاح، وكان المقصود حسب تعبيره الدخول بالفوضى، وآنذاك تدخل الجيش، وكان مخطط ادخال البلاد في دوامة وهذا كله تبخر بسبب ان الشعب التونسي والجيش وطنيان، وبرغم تحفظ الشعب على أن الترويكا الحاكمة لم تنجح للآن في الحد من الفقر والقبض على الفاسدين، وهو تحفظ محق. وأضاف المنصف المرزوقي : "للأسف الشديد في بلدان اخرى تحدث الاغتيلات السياسية بالعشرات وبالجملة، ونحن آخر اغتيال سياسي عندنا كان قبل ستين سنة للشيخ صالح بن يوسف في العام 1961 ، ثم جاءت هذه الفترة بعد الثورة وحصلت فيها عمليتا اغتيال بكل اسف. ولما الشعب ينهز وجدانه ومشاعره لاغتيالين سياسيين فهذا معناه أنه شعب متحضر وشعب مصرّ على التغيير، وكان الاغتيالان لضرب العملية الديمقراطية وكان دائما هناك ضربات حساسة في التوقيت فالاغتيال حدث عندما شارفنا على الانتهاء من الدستور. كنت اعتقد ان الامور انتهت، لكن الاغتيال أخّر كل شيء، وهؤلاء الناس حاولوا الانقلاب على الشرعية وكانوا يخططون لانهاء الربيع العربي باعتبار أنه يجب افشاله في كل مكان وحتى في تونس، وكانت الاغتيالات ضربات قاصمة وصعبة التحمل، والمفارقة أن الحكومة او المشروع الديمقراطي هما الضحية ومع ذلك جزء من المعارضة رأوا ان الحكومة مسؤولة عن الاغتيالات للأسف، وهذا معناه إما انهم لا يعون الأمور والوضع السياسي الحقيقي جيداً، أو أنهم سقطوا في الفخ، الذي نصبه الارهابيون، والوضع السياسي هنا لم يكن المقصود به التسريع بل التعطيل، واليوم جربت قوى التعطيل انها لم تنجح، وهم جربوا تأخير وتعطيل المشروع الديمقراطي ويقينهم أنه يمكن ان يعودوا مرة اخرى وأن يمنعوا الانتخابات مرة أخرة لكن كيدهم سيرد إلى نحرهم، هذا البلد كما قلت لك هيكليا وبطبيعته قادر على أن يصمد في وجه كل الاعتداءات الارهابية ومحاولات وأد الربيع العربي فيه." وقال المرزوقي:"انّ تونس لا تحكمها حركة إسلامية ولا تسطيع حكم تونس إلا بالتوافق مع من يحكم تونس بالنظام الديمقراطي، ويحكم تونس اليوم ترويكا تضم النهضة وهي حركة ديمقراطية ذات مرجعية اسلامية ومعها حزب المؤتمر وحزب التكتل وسمهم ما شئت، وهناك مرجعيات فكرية عدة في البرلمان، ولا يمكن القول، إن حركة النهضة تحكم تونس عندنا مرجعيات مختلفة، والتوافق شرط للحكم." وعن سؤال حول مدى نجاح الثورة، أجاب المرزوقي قائلا: بطبيعة الحال لا، هل يمكن ان نقضي على البطالة او الفساد في ظرف عامين، او تغيير العادات والتقاليد هذا صعب، لكن نقول بكل وضوح ثمة أشياء نجحت فيها الثورة، الحريات التي يمارسها التونسيون إلى درجة الإفراط وبرغم كل التجاوزات التي حدثت إلا أننا كنا نفضل تحمل التجاوزات على الحرية على أن لا نعود لزمن ما قبل الثورة وما قبل الحرية، هذا خيار وننتظر من الجهاز الإعلامي ان يسوي نفسه بنفسه، والحريات موجودة ومكفولة. فيما يخص الجهات المحرومة أنا اجتمع كل اسبوع مع محافظ منطقة من المحافظات الداخلية، هذه المناطق نسبة الانماء احيانا مرت فيها من واحد إلى عشرة، ضوعفت في سيدي بوزيد وغيرها الموارد المادية التي وضعت هي ضعف ما كان موجودا قبل الثورة، لكن حتى مع ما تم ضخه من مال وجدنا ان هناك مشاكل ولا يمكن ان تؤتي أوكلها الآن، وهناك مشاكل اليوم عقارية ومواطنون يمنعون الطريق، والمقاولات التي قررت لا تدفع لدرجة انه في بعض المحافظات خمسون بالمئة من المبالغ او الاعتمادات التي نعطيها لها صرفت، الإرادة السياسية موجودة والمسألة مسألة وقت ونحن نحتاج للوقت، هناك امور انجزت وثمة امور بصدد الانجاز وهناك اخفاقات في قضية الفساد وفي ارجاع الأموال المنهوبة، لكن المهم اننا في مشروع وهذا المشروع بحاجة للوقت."