بات من الواضح أن الفيروس أتى على معظم الجسد. التنظيم الارهابي القادم من كهوف التاريخ والمسمى ب"الدولة الاسلامية في العراق والشام" والملقب اختصارا ب"داعش" أصبح على أبواب بغداد. اصاب انغماسيو وانتحاريو داعش في السابق العشرات من المواطنين العراقيين وشتتوا جثثهم اشلاء في شوارع كربلاء والنجف وسامراء وهاهم يعودون اليوم غازين محتلين لمدن العراق بدعم اقليمي خليجي لم يعد خافيا. من الواضح أن داعمي داعش العراقية فهموا ان اسقاط النظام الذي استعصى في دمشق ينطلق من اضعاف وقطع دعائمه الخلفية. مثل خط طهرانبغداد المالكي شرقا، طوال السنتين الاخيرتين محور الدعم الحقيقي لنظام بشار الاسد في سوريا فضلا عن دعم حزب الله غربا. وبالتالي فان قطع حلقة الوصل العراقية في خط "استعصاء الاسد" سيمثل قطعا لاحد اهم شرايين ضخ السلاح والرجال للجيش العربي السوري في حربه على المعارضة السورية بأصنافها. الذين يريدون اسقاط النظام السوري في دمشق مستعدون لكل تكاليف اسقاط الاسد الذي استعصى. دعم داعش الارهابية التكفيرية ومدها بالسلاح والعتاد في العراق ورقة اخرى في هذه الاستراتيجيا الجديدة. انهاك نظام المالكي في بغداد وجره الى حرب استنزاف حقيقية طويلة الامد ولم لا اسقاطه أحد هذه الوسائل. لم يعد خافيا الدعم الاعلامي من قنوات معروفة لداعش العراقية. الدجل الاعلامي والتعتيم الذي تقوم به هذه القنوات يصل الى وصف هجوم داعش على الموصل ومدن اخرى في شمال العراق بكونه " ثورة للعشائر السنية". بالنسبة لهذه الفضائيات فان العشائر السنية هي التي تقاتل الجيش النظامي العراقي في الموصل وهي التي تقاتله في الفلوجة وتكريت. عندما يخفف هؤلاء وطأة تضليلهم قليلا يقولون لنا ان هناك تحالفا بين مسلحي العشائر السنية والمجاميع المسلحة ومن ضمنها داعش. منذ متى تتحالف داعش التكفيرية مع الاخرين وتقاتل بجانبها؟ "جند الطائفة المنصورة" كما يلقبون انفسهم لا يتحالفون مع أحد ولا يرون الا انفسهم على حق ولا يتصورون الا بغداديهم خليفة الله على أرضه. من المفارقات أن دعم بعض الدول الاقليمية باعلامها وسلاحها لداعش العراقية تحت شعار "ثورة السنة" على مظالم "الرافضة" هم انفسهم الذين يقاتلون داعش السورية عبر ذراعهم التكفيرية الاخرى المسماة بجبهة النصرة. انها اشبه بلعبة على رقعة شطرنج. بالنسبة لهؤلاء الذين يدعمون داعش العراقية هناك اهداف قريبة وأهداف بعيدة . تمكين داعش العراقية من ضرب "نظام المالكي" سيمكن من قطع امدادته التي تدعم النظام في سوريا. الهدف الطائفي يمثل عمق المعركة وبعدها الاخر. هم يعتقدون ان تمكين داعش في المرحلة الحالية في العراق هو أفضل وسيلة من اجل استرجاع العراق الى "حاضنة السنة" وبعدها لكل حدث حديث لأن المجتمع الدولي لن يقبل بدولة داعشية في المدى الطويل. من المفارقات أن هؤلاء الذين تحركهم خلفيات قروسطية طائفية (سنة ضد شيعة) هم انفسهم الذين يتسابقون لاستقبال القواعد الامريكية (الكافرة) في ضواحي مدنهم. تمكين العصابات التكفيرية السنية من غزو بغداد يصب في خط اتجاه عام يدعم هذه العصابات في مناطق اخرى. اذناب داعش في ليبيا وتونس والجزائر يتلقون الدعم نفسه من هاته الاطراف. عندما نستمع الى مفتي طرابلس الغرب يهاجم من يرفض زرع الارهاب في ليبيا نفهم بعضا من طريقة تفكير اذناب داعش. وعندما تصدر أطراف سياسية في تونس بيانات تدين "ما تسميه انقلاب حفتر" في اشارة الى حربه على داعش الليبية، نفهم كيف تحرك الاطراف ذاتها التي تدعم داعش العراقية أذنابها في بلادنا وبلدان اخرى مجاورة لنا.