"نحن نشهد اليوم ممارسات غير مسبوقة تتمثل في "التطهير الثقافي"، والإبادة الثقافية، والنهب الثقافي وكل ذلك إنما هو إنكار لهويات الآخرين، ومحو وجودهم، فضلاً عن كونه تدميراً للتنوع الثقافي." المديرة العامة لليونسكو، ايرينا بوكوفا، Irina Bokova. منتدى "التراث الثقافي المُهدّد بالخطر في العراقوسوريا" الذي نظمته منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة، UNESCO، كشف من خلاله خبراء ودبلوماسيون، من بينهم مدير المعهد العراقي لصيانة الآثار والتراث، الدكتور عبد الله خورشيد قادر ومدير متحف بغداد والمدير السابق للتراث والآثار، قيس حسين رشيد أن ما تبقّى من تراث العراق وما لم يتم نسفه أو تدميره يتولىّ عناصر تنظيم داعش بيعه ل"تمويل نفقاته"! التماثيل وثنية وحرام أما بيعها فعين "الحلال"!! يؤكّد قيس حسين رشيد أنّ ”هناك مافيات دولية تهتمّ بالآثار وبكلّ ما له طابع تراثي، تعمل على إبلاغ داعش بما يمكن بيعه. وأنّ هناك "وسطاء مافيوزيين"وأنّ تنظيم "داعش يقوم بأعمال حفر وتنقيب لبيع قطع في أوروبا وآسيا بواسطة دول محيطة. وهذه الأموال تموّل الإرهاب.. هناك قطع لا يُمكن تقدير ثمنها يتمّ تقطيعها وبيعها، البعض منها يعود لألفي سنة ويُمكن أن تكون باهظة الثمن، لكن بما أنه لا توجد سوق حقيقية، فلا يمكننا أن نعرف قيمتها.. يستحيل الآن تحديد حجم عملية التهريب هذه أو الخسائر التي يتكبّدها العراق !“ أما كلمة المديرة العامة لليونسكو، ايرينا بوكوفا، Irina Bokova ، حمّالة الأوجه، فجاء فيها:"نحن نشهد اليوم ممارسات غير مسبوقة تتمثّل في "التطهير الثقافي"، والإبادة الثقافية، والنّهب الثقافي وكل ذلك إنما هو إنكار لهويات الآخرين، ومحو وجودهم، فضلاً عن كونه تدميراً للتنوّع الثقافي واضطهاداً للأقلّيات. كما أننا نشهد أعمال تدمير مُتعمّد لمعالم ثقافية فريدة من نوعها. ونرى مجتمعات تتعرّض للاعتداءات بسبب هويتها. كما نرى ممارسات السلب المنظّم لمواقع ثقافية قديمة بغرض الاتجار غير المشروع لتمويل الجماعات المتطرفة". هل تذكر السيدة ايرينا بوكوفا والسيد جون كيري الذي يتباكى هو الآخر من " مأساوية وشناعة الاعتداءات التي تنال من تراثنا المشترك"، أنّه خلال العدوان على العراق، تمّ نشر قوات أمريكية داخل مدن تاريخية دون مراعاة لا للتراث ولا للذاكرة الإنسانية ؟ بدوره أعطى البروفيسور ميخائيل دانتي من جامعة بوسطن، ممثّلا عن منظمة "المدارس الأمريكية للبحوث الشرقية"، معلومات مُفصّلة عن مدى التدمير الذي لحق بالتراث الثقافي في سورياوالعراق، موضحا أنه تدمير " لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية.. "! ألا يعني ما يجري من تجريف وتصحير لذاكرتنا حماة التراث العربي؟ إلى متى صمتهم هذا؟ أما عن دعوة ”اليونيسكو الأمن الدولي إلى تبنّي "قرار ينصّ على المنع الوقائي لأي اتجار بقطع تراثية عراقية وسورية بهدف مكافحة التهريب غير الشرعي “، فصرخة في وادي ..المجلس مشغول بغير ذلك، وإذا كانت المسالخ البشرية لم تحرّك له قصبة، فلن تفعل المجازر الثقافية! في بغداد كانت ولا تزال حرب الذاكرة هي الأشرس، لأن الذاكرة هناك هي الأشرس، ولا تتسع مجلّدات لما أصابها من دمار. امتد الاقتلاع من «أور» التي لم ينفعها إدراجها على قائمة التراث الانساني إلى كل حجر وطين ومخطوطة وإلى كلّ مبنى يحمل طبقات من الحياة الشعبية التي تعني قصة الإنسانية منذ صرختها الأولى، ولا يزال من يريد ولديه الاستعداد مأجورا أو موظّفا أو جاهلا، لا فرق، أن ينهي المشروع الاجتثاثي!! هل يكون «الأمر في عمقه حقدا على الحضارة، حضارة هذه المنطقة الألفية، سومرية كانت أو بابلية، أكادية أو أشورية، كنعانية أو فرعونية، أموية أو عباسية أو فاطمية أو أيوبية؟ حقد من لا يملك على من يسبح في الغنى. وعندما يكون الثراء هو ثراء حضاري تاريخي ثقافي، والفقر كذلك، فلا الأموال ولا القوة تستطيعان تعويضه. لا شيء يعوّض إلا التدمير. أما بالنسبة للصّهاينة فقد لخّص بيغن كل المعادلة بيننا وبين جماعته حين قال عام 1993: «حتى لو حصل سلم بيننا وبين العرب، فان الحرب بين الحضارة العربية والحضارة اليهودية ستظلّ قائمة إلى أن تسيطر إحداهما على الأخرى!» ..هل استوعبتم؟ ليس بعد! يا سادة، التراث العربي عراقيا كان أو سوريا، تراث ليبيا، كما تراث مصر في كل ساحات العرب المستباحة يتعرّض للنهب والحرق والإتلاف... ألاّ نذود عنه ونحميه، نكون نفرّط في آخر الحصون: ذاكرتنا الوطنية!