تعود التونسيون منذ سنتين تقريبا على مشاهدة أشرطة فيديو لشاب تونسي ينشد للجماهير في شوارع الرقة ومدن سورية اخرى تسيطر عليها الدولة الاسلامية او ما اصطلح على تسميتها بداعش. لم يكن هذا الشاب التونسي الذي يلقب عند داعش ب"عبد الكريم التونسي" الا محمد القمري اصيل منطقة المروج في الضواحي التونسية للعاصمة تونس. قصة خروج محمد القمري من تونس كما بحثت فيها حقائق أون لاين، لا تختلف كثيرا عن قصص الالاف من الشباب التونسيين الذين التحقوا بما يعتبرونه بارض الخلافة بسوريا والعراق حيث تقول الارقام ان اعداد التونسيين وصل الى حوالي ثلاثة الاف مهاجر تونسي ويصنفون من ضمن الجنسيات الاجنبية الثلاثة الاولى للمهاجرين الذين يقاتلون ضمن جماعات دولة ابو بكر البغدادي. خرج عبد الكريم التونسي بحسب المعلومات التي تحصلت عليها حقائق، من تونس في بدايات اواسط سنة 2013 عقب اغتيال اليساري التونسي شكري بالعيد. لم يخرج الشاب الثلاثيني لوحده بل اصطحب معه زوجته وابنه الصغير حيث اتخذ ليبيا وجهة قبل ان يلتحق بسوريا عن طريق الحدود التركية. الذين يعرفون عبد الكريم في حي المروجبتونس العاصمة يتحدثون عن شاب هادئ وخجول عاش طفولة صعبة ولكنه كان يهوى شراء العصافير وتربية الحمام قبل ان يقع استدراجه الى حلقات المساجد في منطقة المروج. اكتشف محمد القمري قدرته الصوتية مبكرا فكان يكلف من قبل مشايخه بتلاوة القران في مفتتح المجالس الخاصة للمتشددين دينيا. الى جانب ترتيله للقران اكتشف عبد الكريم قدرته على الانشاد الديني فتحول الى ابرز منشدي تنظيم انصار الشريعة في تونس طوال سنتي 2011 و2012. شوهد عبد الكريم او محمد القمري في العديد من مساجد تونس العاصمة وخاصة تلك التي يسيطر عليها التيار السلفي الجهادي. كان القمري منشد الحفلات الدينية للتيار بلا منازع. وكانت جل اغانيه تحرض على الجهاد في سوريا التي كانت وقتها تعيش بداية تشكل التنظيمات الجهادية. وعلى الرغم من هجرة عبد الكريم الى سوريا فيما بعد والتحاقه بتنظيم "الدولة" فان عشقه الاول كان ل"جبهة النصرة "حيث اهدى لها اغنية في جامع ابوبكر الصديق في حفل نظمه انصار الشريعة في مسجد أبوبكر الصديق بحي التضامن في افريل من سنة 2013. ذاعت شهرة عبد الكريم التونسي بشريط فيديو كان ينشد فيه حول حلم الالتحاق بالشام (سوريا) قبل ان نجده في شطر الشريط الثاني في احد شوارع الرقة يحيط به الاطفال. قال عبد الكريم وقتها انه جاء الى سوريا "للجهاد ولاقامة الدعوة والدين" وتحدث عن طريقة "الخيام الدعوية" التي اعتمدها تنظيم انصار الشريعة في تونس طوال حكم الترويكا بعد الثورة التونسية. منذ وصوله الى الشام انتقل محمد القمري بين اكثر من مدينة سورية يسيطر عليها تنظيم داعش، استقر القمري في مدينة الرقة عاصمة داعش ولكن اشرطة الخيام الدعوية وحفلات الانشاد اثبتت حضوره في ريف حلب كما في مدينة الدانة وكان حاضرا في مدينة الموصل العراقية التي سيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية. ارتبط حضور عبد الكريم التونسي بما يسميه "الدعوة في سبيل الله" ويعتقد انه ينتمي الى "جهاز الدعوة والحسبة" في تنظيم داعش حيث كان دائم الحضور في الاسواق والشوارع محاطا بالشباب والاطفال يوزع الحلوى والبسمات ويتحدث عن الحب في الله وهو ما عده البعض الوجه الناعم لتنظيم داعش الارهابي. غير ان فيديو بث في بداية شهر نوفمبر 2014 ظهر فيه عبد الكريم التونسي في الساحة الرئيسية للرقة صدم الكثيرين من متابعي الشاب حيث كان يخطب في الجمهور لا للدعوة ولا للانشاد ولا لتوزيع الحلوى على الاطفال هذه المرة بل من اجل تنفيذ حكم الاعدام في ضباط سوريين بطريقة غريبة وهو "القتل دهسا بالاقدام من قبل العامة حتى الموت" ومن بعدهم وقع سحل الجنود في شوارع المدينة. من الواضح من خلال متابعي الشاب التونسي وانه وعلى خلاف العشرات من التونسيين الذين يقاتلون على جبهات داعش حاملين البنادق والمتفجرات فان عبد الكريم اختير له ان "يجاهد" بصوته من اجل تحريض مجاهدي داعش على مزيد من القتل والاثخان في القتل واراقة الدماء.