إذا كنت ترغب في الاهتمام بمشروعك الخاص بشكل أكبر، فربما يتعين عليك النظر إلى ما هو أبعد من الأشخاص الذين لديهم خبرة كبيرة في مجال الإنترنت والذين يملأون الأرصفة والحانات. وتشارك العديد من الشركات المبتدئة، التي تحاول التسويق لنفسها وجذب الانتباه، في مؤتمر «ساوز باي ساوزويست» التفاعلي في مدينة أوستن بولاية تكساس، حيث تقوم هذه الشركات بتملق النخبة في منطقة وادي السليكون بخليج سان فرانسيسكو والتسويق لأعمالها. ومع ذلك، لم تسر شركة «بينتيرست» في هذا الاتجاه، واستهدفت بدلا من ذلك فئة مختلفة عندما افتتحت أعمالها في عام 2009، حيث يسمح الموقع الإلكتروني الخاص بالشركة للمستخدمين بإنشاء «لوحات أو منصات» بحيث يمكن جمع الصور من كل المواقع الإلكترونية على شبكة الإنترنت وتداولها مع الأصدقاء وحتى الغرباء. وقال بين سيلبيرمان، وهو مؤسس الشركة والمدير التنفيذي لها «لقد عرضنا ذلك على عدد كبير من الأشخاص من جميع فئات المجتمع والمدونين والمهنيين والهواة. وكان أول من اهتم بهذا الموقع هم الأشخاص الذين يعيشون في المكان الذي نشأت فيه وهو مدينة دي موين، ثم تطور الموقع بعد ذلك». وقد رفضت شركة «بينتيرست» الكشف عن عدد مستخدمي الموقع، لكن البيانات الصادرة عن شركات التحليلات تشير إلى زيادة مطردة في عدد المستخدمين، حيث كشفت شركة «نيلسن» للتحليلات أن «بينتيرست» قد نجح في جذب 16.1 مليون زائر من الولاياتالمتحدة الأميركية وحدها خلال شهر يناير (كانون الثاني)، وهو ضعف عدد مستخدمي الموقع خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني). وفي الواقع، يعد هذا هو التطور الذي يحلم به كل أصحاب المشروعات الذين يشاركون في مؤتمر «ساوز باي ساوزويست» التفاعلي. وقال كريس ديكسون، وهو مستثمر في شركات «سكيب» و«سكيلشير» و«غروبمي» وغيرها من الشركات والرئيس التنفيذي لشركة «هنش» التي استحوذت عليها شركة «إيباي» في وقت مبكر من العام الحالي «هذه الشركة تتحدى الشكل التقليدي للاستثمار من خلال إنشاء شيء جديد في نيويورك وسان فرانسيسكو ثم نشره للخارج بعد ذلك. ويسير العمل في هذه الشركة بشكل مدهش». وقال ديكسون إن كل المستثمرين كانوا يخشون في البداية من ضخ استثمارات في تلك الشركة، وأضاف «لن يكون شيئا غريبا إذا ما قام المستثمرون بالاستثمار في الشركة من دون أي شروط مسبقة. في الحقيقة، يحسد كل الناس، بمن فيهم أنا، هذه الشركة على هذا النجاح الكبير الذي حققته، وكم كنت أتمنى أن أكون مستثمرا فيها، أو أن أكون أنا من أنشأها». ومن المنتظر أن يجري ديكسون مقابلة شخصية مع سيلبيرمان خلال المؤتمر يوم الخميس القادم. إن التوجه البسيط للشركة يعطي مذاقا خاصا لهذا الموقع لأنه يهدف إلى جذب الأشخاص المهتمين بإنشاء مجموعة من الصور الفوتوغرافية حول موضوع معين مثل الأثاث في القرون الوسطى أو الكعك أو اتجاهات الموضة أو الأقمشة المزهرة مثلا. ويقوم زائرو الموقع، في الأساس، بنشر سجلات القصاصات التي تربط تلك الصور بمصدرها الأصلي، سواء كان هذا المصدر عبارة عن موقع خاص بأحد المتاحف أو مدونة عن الأزياء والموضة أو متجر على شبكة الإنترنت. وقال سيلبيرمان، الذي كانت لديه صناديق زجاجية مملوءة بالخنافس والطوابع عندما كان طفلا صغيرا، إنه كان يعتقد أن تلك الخدمة سوف تجذب عددا كبيرا من مستخدمي الإنترنت في العالم لأن تجميع الصور يعد عملية سهلة للغاية. وأضاف سيلبيرمان «عندما تقوم بزيارة أحد أصدقائك في منزله، فدائما ما تكون مهتما برؤية الأشياء التي تضمها مكتبته، وهذه هي فكرة موقع (بينتيرست). والشيء المثير للغاية هو أن هذه الفكرة قد تحولت إلى حقيقة على شبكة الإنترنت». وقالت سوزان اتلينغر، وهي محللة بشركة «ألتيميتر غروب» التي تقدم المشورة للشركات بشأن كيفية استخدام التكنولوجيا، إن موقع «بينتيرست» يشبه المنتديات التي كانت موجودة على شبكة الإنترنت والتي كانت تركز على قضية بعينها - الوصفات النباتية أو فن الوشم، على سبيل المثال - لأن هذا يسمح لمستخدمي الموقع بمناقشة أشياء تثير اهتمامهم واستكشاف ما قام الآخرون بنشره عن أي موضوع. وفي الحقيقة، تعد هذه إحدى النقاط التي لم يتناولها موقع «فيس بوك» الذي يعد رائد مواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية. وأضافت اتلينغر «من المعروف أن (فيس بوك) يركز على التواصل بين الأصدقاء، لكنه أصبح يركز بشكل أكبر الآن على الأشخاص من خلال معالجة الجداول الزمنية وكيفية تقديم المستخدم للعالم. ولم يقدم الموقع العديد من الأدوات للتواصل بين الناس، كما أنه فشل في التركيز على الأشخاص واهتماماتهم في الوقت نفسه». وقد حاولت بعض مواقع التواصل الاجتماعي تبني توجه مماثل لما قام به موقع «بينتيرست»، لكنها لم تحقق نجاحا كبيرا في هذا الإطار، حيث قام موقع «نينغ» على سبيل المثال، بالسماح لمستخدميه بإنشاء شبكات اجتماعية حول أي موضوع، بدءا من البرامج التلفزيونية المشهورة وحتى الهوايات الغريبة واللطيفة، لكنه فشل، وربما يعود السبب في هذا الفشل بشكل جزئي إلى شكل الموقع نفسه غير المنظم والذي تزعج العين رؤيته. وقام موقع «بينتيرست» بتجربة ما يتراوح بين 30 و40 شكلا حتى استقر على شكله الحالي الذي يدخل البهجة والسرور على نفس المستخدم، وهو ما يزيد من جاذبيته على شبكة الإنترنت. وقد سار العديد من المواقع الإلكترونية على الدرب نفسه، بدءا من موقع «مانتير سيتنغ» الذي يركز على الأشياء المثيرة للاهتمام بالنسبة للرجل، وحتى موقع «فريندشيت» الذي يضع صور مستخدمي «فيس بوك» على صفحة تشبه صفحة «بينتيرست» إلى حد كبير. وقال أري غولدبيرغ، وهو المدير التنفيذي لموقع «ستايلكاستر»: «لقد اتخذ موقع (بينتيرست) اتجاها جديدا. إننا نرى عددا أكبر من التعليقات وإبداء الإعجاب بما يقدمه الموقع على مدار الساعة». ويقول المحللون إن الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها موقع «بينتيرست» قد أحدثت تأثيرا كبيرا في عالم الإنترنت، بسبب وجود تداخل كبير بين مستخدمي الموقع - وغالبيتهم من النساء - من جهة، وبين أولئك الذين يقومون بزيارة مواقع التجارة الإلكترونية من جهة أخرى. وقالت شدا سوبرامانيان، وهي نائبة رئيس شركة «نيلسن» للتحليلات «زائرو موقع (بينتيرست) هم أنفسهم زائرو مواقع التجارة الإلكترونية، وهو ما قد يؤدي إلى سرعة ترجمة تلك الاهتمامات إلى فرص للمعاملات التجارية». وبعبارة أخرى، يمكن القول إن «بينتيرست» يتربع على «منجم من الذهب»، لا سيما أنه يسمح للأشخاص بالربط بين حساباتهم على موقع «فيس بوك» وصورهم على «بينتيرست»، وهو ما يعني أن موقع «بينتيرست» يعرف الكثير عن مستخدميه والأشياء التي يفضلونها من حيث الملابس والأثاث والإكسسوارات وحتى أنواع الطعام، والأشياء التي يريدون شراءها أو اقتناءها. ويستفيد الموقع من ارتباطه بموقع «فيس بوك» بطريقة أخرى، فما إن يدخل الشخص على الصفحة المخصصة له، حتى يقوم الموقع، بصورة تلقائية، ب«تتبع» أصدقائه على «فيس بوك» والذين يدخلون أيضا على موقع «بينتيرست»، ويرسل لهم بريدا إلكترونيا حول هذا الموضوع. ويقول جيف غوردن، وهو شريك في شركة «أندريسين هورويتز» في وادي السليكون والتي أسهمت في تمويل موقع «بينتيرست» الذي يبلغ رأسماله 40 مليون دولار، إن الشركة تتمتع بإمكانيات هائلة في مجال الأعمال التجارية، ويعود الفضل في ذلك بصورة جزئية إلى أن مستخدمي الموقع لا يملون منه على ما يبدو. وأضاف غوردن «أهم ما يميز هذا الموقع هو ارتباط المستخدمين به، والذين يستخدمونه بنهم كبير». وقال غوردن إنه لم يشاهد أي موقع آخر يحظى بهذا الارتباط والعدد الهائل من المستخدمين سوى موقع «فيس بوك». وقال سيلبيرمان إن موقع «بينتيرست» الذي يعمل به 20 موظفا ويتخذ من مدينة بالو ألتو بولاية كاليفورنيا مقرا له، يعتمد على تطبيقات «آي باد» في عمله، وهو ما يعد سببا آخر في نموه بهذه الصورة. ومع ذلك، يصر الموقع على أنه ليس في عجلة من أمره لجني الأرباح. وكانت الشركة قد اختبرت نظاما في السابق لتحقيق الأرباح من خلال العمل مع شركة تسويق تابعة لها تسمى «سكيملينكس»، ويتلخص هذا النظام في أنه إذا ما قام أي مستخدم لموقع «بينتيرست» بالضغط على صورة أي منتج وقام بشرائه من خلال أحد المتاجر الإلكترونية، فمن حق «بينتيرست» أن تحصل على جزء صغير من ذلك المقابل. وفي البداية، لم يكن زائرو الموقع يعلمون بهذا، وشعروا بغضب شديد عندما علموا أن «بينتيرست» يحقق أرباحا من خلال المواد التي يتم عرضها، وهو ما دعا «بينتيرست» إلى إنهاء علاقته بشركة «سكيملينكس». وتواجه الشركة بعض المشاكل الأخرى، حيث اشتكى عدد من المصورين والمدونين من أن هذه الخدمة تسمح للمستخدمين بنسخ الصور من دون الحصول على إذن منهم. وعن ذلك يقول سيلبيرمان، الذي رد بنفسه على عدد كبير من الشكاوى على الإنترنت، إن الشركة تعمل جاهدة على إيجاد حل لتلك المشكلة، وأضاف «يولي (بينتيرست) اهتماما كبيرا لحقوق الملكية». واستطرد سيلبيرمان قائلا «يتعين على أي موقع يضم محتوى يقدمه المستخدمون أن يفكر في هذا الأمر. إننا نهتم كثيرا بفهم الأشياء التي تثير قلق الناس وبتقديم خدمة قيمة لهم».
