عبر السيد الأزهر القروي الشابي وزير العدل عن معارضته لمشروع المرسوم الذي يتم بمقتضاه بعث هيئة دائمة لمقاومة الفساد بعد أن كان تقدم بهذا المرسوم رئيس اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة عبد الفتاح عمر. وكان وزير العدل قد اتهم عبد الفتاح عمر بتجاوز صلاحياته والتدخل في شؤون القضاء، ورغم معارضته لهذا المرسوم فقد فشل في منع إحداث هيئة دائمة حيث وافق المجلس الوزاري المنعقد يوم14 أكتوبر الماضي على المرسوم وهو الآن في انتظار مصادقة رئيس الجمهورية المؤقت. من جهته قال السيد خالد الماجري، عضو اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة، أن "اللجنة قامت في إطار إحدى صلاحياتها المسندة إليها بمقتضى المرسوم 7 المحدث للجنة بالنظر عبر هيئتها العامة في تصورات مستقبلية في التقصي حول الرشوة والفساد، تتمثل في تصور منظومات قانونية ومؤسساتية لتفعيل هذا الهدف". وهو إلى جانب ذلك "إحدى الاعتبارات التي تكرسها اتفاقية الأممالمتحدة لسنة 2003 لمكافحة الرشوة والتي صادقت عليها تونس سنة 2008 دون أن تفعل مقتضياتها التي تنص فيما تنص عليه على وجوب إحداث هيئة قارة ومستقلة لمكافحة الرشوة والفساد". وأضاف السيد خالد الماجري أن "اللجنة بهيئتيها الفنية والعامة استأنست وفعلت مقتضيات الاتفاقيات من ناحية، وساهم، كما كلفه بذلك المرسوم، في وضع تصورات مستقبلية لمكافحة الرشوة والفساد على أساس الخارطة التي تمكنت الهيئة الفنية من رسمها على أساس دراسة الملفات وتقصي الحقائق". وأكد السيد الماجري أن "إرساء هذه الهيئة هو اليوم أمر مفروغ منه"، مشيرا إلى أن "النقاش حوله نظري بالأساس لان الدولة كانت قد صادقت على مرسوم إحداث هيئة دائمة سنة 2008". من ناحية أخرى، قال أن اللجنة لم تتدخل في شؤون القضاء كما اتهمها وزير العدل بذلك، مؤكدا أن إعادة هذا العتب على الهيئة ليس له أي أساس من الصحة. وأضاف انه من المفروض تمرير هذا المرسوم لإنشاء الهيئة المستقلة المذكورة التي تقتضي ضمانات مؤسساتية ومقتضيات حماية شخصية لأعضاء الهيئة تضمن لهم القيام بمهامهم في إطار الحرية والاستقلالية. وتمثل هذه الضمانات في الحصانة، التي تتمتع بها، السلط التشريعية والقضائية والتنفيذية. وكان وزير العدل قد تمكن من فرض إلغاء البند الذي يؤمن الحصانة لأعضاء الهيئة المزمع تكوينها، واستغرب السيد خالد الماجري إصرار وزير العدل على معارضة تكوين الهيئة ورفع الحصانة عن أعضائها، بالرغم من أن الهيئة من أكثر الجهات حساسية والتي من الممكن أن يمارس عليها العنف أو بعض الممارسات الخطيرة بحيث تمنعها من القيام بمهامها على أكمل وجه. الصادق بن مهني يقول انه ليس الوقت المناسب لبعث هيئة مقاومة الفساد السيد الصادق بن مهني، عضو الشبكة الوطنية لمقاومة الرشوة والفساد، والذي كان قد استقال من اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة الفساد بعد أن تقدمت بمشروع مرسوم إلى الحكومة يعفي من المساءلة كلّ من يتقدّم من تلقاء نفسه للجنة للاعتراف بتلقي رشوة أو منحها، وكذلك احتجاجا على طريقة تسيير اللجنة وتوزيع المهام داخلها وغياب الشفافية، كان له رأي مخالف حول الموضوع، وقال أن تأسيس هذه الهيئة سابق لاوانه خاصة في المرحلة الانتقالية التي تمر بها تونس حاليا. وقال السيد الصادق بن مهني أن "الهيئة العامة التابعة للجنة تقصي الحقائق قد أفرغت من معناها ولم تتولى أمر ضبط توجهات العمل، التي كان يقوم بها رئيسها عبد الفتاح عمر بشكل غير شفاف". وأكد "عدم وضوح طرق العمل وهيمنة الرئيس، لان الجنة كانت قد تأسست في عهد الرئيس المخلوع وهي بذلك خارجة من نظام تعسفي ديكتاتوري وهي مبنية على فرد الرئيس الذي قام باختيار أعضاء الهيئتين العامة والفنية والتي من المفروض أن تكون بالتشاور مع أعضاء المجتمع المدني لذلك ستؤدي ممارسات رئيس الهيئة إلى نفس النتائج المتمثلة في الفساد الإداري وانعدام الرؤية والوضوح". من جهة أخرى، قال أن "أعضاء الهيئة تحصلوا على الحصانة لممارسة مهامهم وهي حصانة لا بد منها، لكن لها وجه أخر يتمثل في إعفاء الشخص الذي يخطئ في ممارسة مهامه من المحاسبة". وأشار إلى "رغبة السيد عبد الفتاح عمر في مواصلة عمل الهيئة من خلال تأسيس هيئة دائمة حول الرشوة والفساد كما تنص على ذلك الاتفاقية الدولية في فصلها السادس"، وأضاف أن "الدول التي تعتمد هذه الهيئات هي دول ما تزال تعاني من ديكتاتورية السلطة على غرار العراق والجزائر والأردن، أما بالنسبة إلى تونس فهي الآن تم بمرحلة انتقالية، والمطروح الآن هو أن نؤسس لعدالة انتقالية تساءل، تحاسب وتصالح إن لزم الأمر ذلك، وتتطلب هذه العدالة فهم وتحليل وتشخيص القوانين والتشريعات وهو ما لم يتم النظر فيه إلى حد الآن في البلاد التونسية لان الدستور معطل في الوقت الحالي، ولا نعرف ما نوع النظام الذي سيتم اختياره للجمهورية التونسية برلمانيا كان أو رئاسيا أو رئاسويا...". وأكد الصادق بن مهني "تدخل عبد الفتاح عمر في الشأن القضائي، حيث انه ليس من مهام اللجنة تقديم مشاريع قوانين إلى الحكومة بل إن وزارة العدل هي التي تضطلع بهذه المهمة"، كما قال انه "من غير المعقول أن تحتفظ اللجنة بالعديد من الملفات المهمة المتعلقة ببعض الأحزاب" وكان رئيس اللجنة قد صرح انه لن يمرر هذه الملفات إلا بعد الانتخابات. واستنكر بن مهني هذه الممارسات التي اعتبرها مخالفة للقانون حيث من المفروض أن يطلع القضاء على هذه الملفات في أسرع وقت ممكن. وقال انه "ليس من حق عبد الفتاح عمر إخفاء ملفاته وتقرير لمن سيمررها"، وكان رئيس لجنة تقصي الحقائق قد قرر عدم منح هذه الملفات إلى القضاء وإنما إلى الهيئة الدائمة المزمع تأسيسها في انتظار مصادقة رئيس الجمهورية عليها. كما شدد بن مهني على ضرورة المحافظة على الذاكرة الجماعية للبلاد التونسية من خلال طلب جرد تفصيلي للملفات التي كشفت عنها اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة وإعطائه إلى من يقرره المجلس الوطني التأسيسي المنتخب أو الحكومة، سواء كان الهيئة الدائمة لمكافحة الرشوة أوالى القضاء للنظر فيه. بين رفض وزير العدل لإنشاء هيئة دائمة لمكافحة الرشوة والفساد، وتمسك أعضاء اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة بهذا المطلب، يبقى الأمر رهين موافقة رئيس الجمهورية المؤقت فؤاد المبزع عليه وتبقى مشروعية هذا المطلب محل تساؤل خاصة مع تزامنها مع الظروف العامة للجمهورية التونسية ومع شكوك البعض في نجاح اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة في أداء مهامها بصفة موضوعية وشفافة...