و المجد و الفخر و الإثراء إن كبروا فسارق الزهر مذموم و محتقر و سارق الحقل يدعى الباسل الخطر أستهل هذا المقال بهذين البيتين الشعريين للأديب جبران خليل جبران للحديث عن قانون المصالحة الوطنية فنحن نعيش في وطن يختل فيه ميزان العدل و تدحض فيه مقولة الناس سواسية أمام القانون, يد العدالة تضرب بقوة و تسلط سيفها بلا رحمة على البسطاء و الفقراء, ويدها تكون رقيقة ناعمة تربت بها على كتف أصحاب المال و الجاه و النفوذ. فهذا القانون يحيلنا إلى قانون سكسونيا في العصور الوسطى حيث كان العقاب يسلط على الفقير إذا إرتكب أي جريمة أما الغني إن إرتكب نفس الجرم فإنه يقف عند إكتمال الشمس و يعاقب ظله فقط وهكذا أصبح هذا القانون يضرب به المثل في شدة الظلم و التفرقة بين أفراد المجتمع. كيف لنا اليوم أن نصالح? فهؤلاء جعلوا من هذا الوطن مزرعتهم الخاصة, ينهبون و يسلبون و يدلسون بلا حسيب أو رقيب وإن حدث و تعرضوا للمسائلة فإننا سنجد من يحيك لهم قانونا يسقط عنهم جميع جرائمهم و يحولهم إلى شرفاء و نزهاء ومن ثم تتهافت الشاشات و الإذاعات الصفراء لإستظافتهم و تلميع صورتهم فيملؤون رؤوسنا كذبا و رياءا بالحديث عن براءة ذممهم و بأنهم يحملون هموم و مشاغل هذا الشعب. لكم ماذا تعلمون عن هذا الشعب غير أنه مجرد رقم في معاملاتكم البنكية, ففسادكم ينخر هذا الوطن, رهنتم البلاد و العباد, من خيراتنا تأكلون, أفلا تشبعون, من قوتنا تشيدون تلال أموال حتى أمست أشجارنا بلا ظلال يكسوها التعب و القهر من بطش غاصب محتال, أفلا تخجلون. كيف تستقيم المصالحة في ظل غياب أعمدتها و أسسها, و أهم ركن هو صفح وغفران الشعب لمن أجرم في حقه, لست ممن ينشدون التشفي أو نصب المشانق أو إقامة المحاكم الثورية لكن كل ما أرجوه هو بسط الحق و العدل, أليس هؤلاء بشرا خطائين مثلنا, لماذا لا يمثلون أمام المحاكم المدنية لتنظر في جرائمهم و إختلاسهم أم أن الدماء اللتي تجري في عروقهم أرقى وأسمى من دماء أبناء الشعب البسيط خطبكم و محاضراتكم و تبريراتكم لهذا القانون تفوح منها رائحة الإبتذال والعفن والمطامع, فمصالحتكم تلبس الفساد ثوب القدسية فتراه يختال في جبة الطهارة و العفاف أما العدالة الحقيقية فتراها تجوب الشوارع هائمة ولا تجد ملجأ لها