قمرت / تونس (وات)- خصصت المائدة المستديرة الأولى ضمن أشغال الندوة الدولية حول "العدالة الاجتماعية ومقاومة الإقصاء في زمن الانتقال الديمقراطي" التي انطلقت صباح يوم الأربعاء بالضاحية الشمالية للعاصمة لعرض مقاربات الهيئات الدولية والإقليمية في مجال الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي. وفي هذا الإطار تحدث نعمان مجيد عن مقاربة مكتب العمل الدولي في المجال مبرزا العلاقة بين نسب الفقر ومعدلات النمو الاقتصادي حيث يفترض أن تتقلص أعداد الفقراء كلما تم تحقيق نسب نمو إضافية. وبين أن هذه المعادلة ليست بديهية حيث تطرح مسألة التوزيع العادل للثروات بين مختلف فئات المجتمع الواحد أكثر من إشكال ويمكن بالتالي أن تستفيد من نسب النمو الاقتصادي أقلية على حساب عموم الشعب وهو ما يعني أيضا إقصاء العاملين من الفقراء وتفشي مظاهر التشغيل الهش موضحا ان العدالة الاجتماعية تعني القطع مع هذه الممارسات والتفكير في طرق بديلة لمواجهة قضايا الفقر والإقصاء الاجتماعي. ومن جانبها، قالت دانيالا ماروطا حول مقاربة البنك العالمي لمسالة الفقر انه بالنظر إلى احتدام المواقف حول تحديد مفهوم الفقر، لا بد من توفر بعض المعايير الواضحة والموضوعية التي يجب الاحتكام إليها لإحراز تقدم في مكافحة هذه الظاهرة. وأوصت ممثلة البنك العالمي بضرورة الوفاق حول معايير تحديد أو قياس ظاهرة الفقر وذلك بهدف وضع سياسات تبحث في سبل استفادة الفقراء من نسب النمو المحققة في بلد ما. وتتلخص مقاربة برنامج الأممالمتحدة للتنمية وفق ما أفاد به محمد الكوني، في تحقيق المعادلة المتمثلة في تقليص معدلات الفقر من خلال قياس نسبه وأرقامه والاطلاع على الوضع العام والعوامل المتدخلة في هذا الوضع وتصميم سياسات مقاومة ظاهرة الفقر بعد تحليل السياسات الجاري بها العمل. وأوضح الكوني ان الفقر البشري من منظور برنامج الأممالمتحدة للتنمية له أبعاد مختلفة في قطاعات متداخلة ولا يقتصر على الدخل الفردي للأشخاص بل يشمل أيضا الصحة والتعليم للوصول إلى مؤشر التنمية البشرية. وتهدف مقاربة الاتحاد الأوروبي حسب فابيان مونتاين في إطار مكافحة الفقر والتهميش والإقصاء الاجتماعي خلال العشرية المقبلة إلى تحقيق تنمية متكاملة ومستديمة لا تقصي أي طرف مبينة أن كل المعطيات والأرقام المتعلقة بمؤشرات التنمية والفقر تبقى نسبية وهو ما يستوجب عملا اكبر في اتجاه وضع سياسات أكثر عدالة. واعتبر روبرتو بيناس عن المكتب الجهوي لصندوق الأممالمتحدة للطفولة للشرق الأوسط وشمال افريقيا ان الاستثمار في حقوق الطفل هو من قبيل زرع بذور العدالة الاجتماعية وتحقيق تنمية مستديمة منبها الى ان انتشار مظاهر الاستغلال والفقر والإقصاء والتهميش في صفوف الأطفال سيؤثر سلبا على مستقبل أي بلد علاوة على الإشكاليات التي يطرحها في حاضره. وعبر بالمناسبة عن استعداد منظمته لوضع خبراتها وبرامجها في مجال حقوق الطفل على ذمة السلطات التونسية خلال هذه الفترة الانتقالية وما يليها من مراحل. ويشار إلى أن هذه الندوة الدولية التي تنظمها وزارة الشؤون الاجتماعية علة مدى يومين بالتعاون مع منظمة العمل الدولية وبدعم من البنك العالمي وبرنامج الأممالمتحدة للطفولة والاتحاد الأوروبي والمعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية بفرنسا، تتضمن العديد من المدخلات والنقاشات حول العدالة الاجتماعية ومقاومة مظاهر الفقر والتهميش والإقصاء الاجتماعي. ويتمثل الهدف الأساسي لهذه الندوة في التعرف على وضع ظاهرة الفقر والإقصاء الاجتماعي في تونس والاطلاع على مختلف التجارب الدولية في هذا المجال للمساهمة في تحقيق العدالة الاجتماعية.