تونس (وات) - أعلن وزير الشؤون الدينية نور الدين الخادمي عن نية الوزارة "تكوين مؤسسة إفتائية جامعة" تكون مصدرا للفتاوى الشرعية بعيدا عن الفتاوى غير العلمية وغير الدقيقة. وردا على سؤال حول الطرف أو الهيئة التي تصدر الفتاوى في تونس اليوم، أوضح الوزير في لقاء جمعه عشية يوم الإربعاء بالمعهد الأعلى للشريعة بالعاصمة بمجموعة من ممثلي الأحزاب السياسية للتباحث حول الشأن الديني في تونس، أن "الفتاوى في تونس يشوبها راهنا الكثير من الإنحراف والخلل في الأسلوب وفي المنهج على حد سواء". وبين أن الفتوى تعني التفاعل بين مجموعة من النصوص والتشاريع لإعطاء مقاربة للواقع، مؤكدا أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والحدث وتتطلب معرفة شاملة بالعلوم الشرعية وأيضا بالعلوم الأخرى في مختلف المجالات حتى تتلاءم مع متطلبات العصر والواقع. وكان عدد من ممثلي الأحزاب قد طرحوا في تدخلاتهم مسألة تعدد الفتاوى في تونس وصدورها عن غير المختصين في ميدان العلوم الشرعية، على غرار ما عبر عنه أمين عام حزب القيم والرقي مراد مريكش الذي طالب بتفعيل دور مفتي الجمهورية حتى يفصل في المسائل الشرعية التي تؤرق التونسيين، داعيا إلى أن يكون أئمة المساجد متخرجين من كلية الشريعة حتى يتوفروا على مستوى من العلم والمعرفة يؤهلهم لاعتلاء تلك المنابر الحساسة. وفي سياق متصل دعا أمين عام حزب الاصلاح والتنمية محمد القوماني إلى فتح حوار حضاري بين ممثلي التيارات ذات الطابع الديني ومكونات المجتمع المدني لتجاوز حالة سوء الفهم والشك والريبة التي تنتاب التونسيين من بعضهم البعض، منبها إلى ضرورة أن يتصدى للحديث باسم الدين أهل العلم والمعرفة في المجال بما يحول دون وقوع انزلاقات خطيرة. ومن جهته اقترح أحمد الخصخوصي أمين عام حركة الديمقراطيين الإشتراكيين وعضو المجلس التأسيسي، إنشاء مجلس إسلامي أعلى مشيرا إلى ضرورة أن يكون الشأن الديني مستقلا عن الأحزاب والسلطة التنفيذية. وقدم العجمي الوريمي عضو المكتب السياسي لحركة "النهضة" المكلف بالشؤون الثقافية في مداخلته جملة من النقاط من أهمها تطوير الخطاب الديني وفتح حوار مع الشباب يشارك فيه إطارات من الوزارة وجامعة الزيتونة وكذلك فتح حوار مع النخب الجامعية للتعريف بالمحطات المضيئة في التاريخ الإسلامي. وذهبت جل المداخلات الأخرى تقريبا في نفس المنحى، بالتأكيد على ضرورة إصلاح المجتمع أخلاقيا واجتماعيا وإصلاح المنظومة التربوية عموما والتركيز على ما يخص المناهج الدينية خصوصا وإعادة الإعتبار لدور الكتاتيب كأول نواة يتعلم فيها الطفل مبادئ الدين الإسلامي. كما دعا المتدخلون إلى تحديث الخطاب الديني بما يتلاءم مع مشاكل العصر، وتحييد المساجد عن التجاذبات الإيديولوجية والسياسية، وتوحيد الخطاب الديني حتى لا يطرح كل شخص أفكاره الخاصة البعيدة عن المشترك الجماعي. وختم وزير الشؤون الدينية اللقاء بتأكيده على أن التنوع من سنن الخلق وأن "الإختلاف والتعدد هو من المراد الإلهي"، مشيرا إلى أن هذا اللقاء ستتبعه لقاءات أخرى مع مختلف مكونات المجتمع المدني من أحزاب وجمعيات ومنظمات وتيارات ومفكرين لتعميق النظر في الشأن الديني.