تونس (وات)- تم مساء الجمعة بمتحف مدينة تونس " قصر خيرالدين" افتتاح معرض استيعادي ضخم للفنان التشكيلي عبدالمجيد البكري بعنوان " حلم ومقاومة " يشتمل على حوالي 320 لوحة من مختلف الأحجام والتقنيات الزيتية والمختلطة تغطي فترة طويلة من مسيرة هذا الفنان تناهز نصف قرن بالتمام والكمال 1962 - 2012 كما لو ان عبد المجيد البكري أراد أن يحتفل هذا العام بمرور سبعين سنة على ميلاده ، ولد بقابس سنة، 1942 بإقامة معرض شخصي ضخم هو بمثابة "حصاد العمر" على الصعيد الفني على الأقل. فهذه اللوحات تؤرخ لمسيرة ثرية من العطاء والتأمل والانجاز ضمن رؤية تستلهم التراث دون أن تسقط في فخ النمطية أو الفلكلور ذلك ان البعد الإبداعي يظل قائما ومتوهجا في كل الأعمال المعروضة. ولم يغب هذا التوجه عن النقاد والإعلاميين منذ البداية فهذا الناقد الفني والأديب علي اللواتي يشير في كتابه " الرسم في تونس منذ البدايات إلى اليوم" الصادر سنة 1984 إلى ان معالجة عبد المجيد البكري للتراث مختلفة عن غيره اذ يبتعد البكري عن وضوح الخطوط وهدوء المساحات اللونية كما نجدها عند نجيب بلخوجة لنعود الى توتر اللمسات واهتزازها. فالتراث عند البكري هو قبل كل شيء عيد صاخب بالألوان والأضواء الراعشة وهو يركز على الإيحاء والإيهام بعناصر التراث أكثر مما يبرزها في شكلها المعروف فالخط العربي عنده تراكم علامات متشابكة متداخلة على سطح اللوحة. ويبقى ان الرمز المستمد من التراث والحكايات والخرافات والأساطير والوقائع الغابرة يمثل في أعمال البكري جسرا يعبر فوقه إلى المتلقي ..فاذا هو يخاطب فيه أعمق ما فيه، حلمه المرتبط بالإيحاءات والذكريات والمآثر . عبد المجيد البكري الذي جاب العالم شرقا وغربا عارضا أعماله في العديد من المدن العربية والأجنبية ظل وفيا طيلة خمسين سنة ولايزال لاختيارته الفنيه القائمة على الاستفادة من التراث وإعادة تشكيله ضمن خيال مجنح وتوق دائم إلى التجديد انما يبحث في نهاية المطاف عن تأصيل لكيان وعن جمالية تتماهي مع الشعر والفلسفة وربما مع نزعة وجودية متخفية وراء ظلال الألوان والخطوط المتعرجة و اللامتناهية. هذا المعرض الذي يتواصل إلى غاية 30 أفريل الجاري حضره في يوم الافتتاح جمهور محتشم من حيث العدد لكنه متميز اذ نظرنا إليه من زاوية التكريم الاجتماعي والفني فقد حضر على سبيل المثال سيف الله الاصرم رئيس النيابة الخصوصية لبلدية تونس وحضر الفنان التشكيلي المعروف فتحي الزبيدي كما حضر حمادي الشريف صاحب رواق الشريف للفنون بسيدي بوسعيد ومؤسس مركز ثقافي خاص بجزيرة جربة إلى جانب عدد آخر من أهل الفن والثقافة والإعلام.