تونس (وات) - أجمع المتدخلون في الملتقى الأول لجبهة الإصلاح، وهو حزب ذو مرجعية سلفية حصل مؤخرا على تأشيرة العمل القانونية، على التمسك بالشريعة الإسلامية عقيدة ومنهج حياة و نظام حكم، مؤكدين أن "الإسلام شريعة متحركة صالحة لكل زمان ومكان". وحضر هذا الملتقى الذي انعقد يوم الأحد في قصر المؤتمرات بالعاصمة تحت شعار "الشريعة مسارنا والإصلاح خيارنا" رئيس حزب حركة النهضة وعدد من السياسيين والمحامين والقضاة، إضافة إلى ناشطين في المجتمع المدني. وفي تقديمه لهذا الحزب، قال محمد خوجة رئيس الجبهة "نحن ببساطة مسلمون نؤمن بالإسلام عقيدة ومنهج حياة، نتمسك بالكتاب والسنة، ونلتزم بهما قولا وعملا، عقيدتنا هي أساس فكرنا وركيزة تربيتنا، وهي عقيدة أهل السنة والجماعة بفهم سلف الأمة الصالح". وأكد خوجة على البعد الشمولي للإسلام وعلى قدرته على استيعاب كل أنماط الحياة بتوازنه واعتداله قائلا في هذا الصدد" إسلامنا يجمع بين الثبات والمرونة ويؤمن بالتعايش السلمي وبتدافع الحضارات لا بصراعها،" مضيفا في نفس السياق" نحن ننظر إلى الإسلام كقوة دافعة وطاقة بناءة وفكر تقدمي وتركيبة جامعة بين المادية والروحانية". كما شدد على ارتباط الدين بالسياسة وعلى عدم الفصل بين الدولة والدين وعلى أن الشريعة الإسلامية هي المرجع في نظام الحكم قائلا "الله يعبد في المساجد كما يعبد في البرلمانات وفضاءات الحكم، والتشريع والإسلام بمصدريه القرآن والسنة جاء بشريعة متحركة في ثبات، متحركة بحراك المجتمع وثابتة ثبات الوحي وهي صالحة لكل زمان ومكان". وقدم فؤاد بن صالح عضو المكتب السياسي ومدير العلاقات الخارجية بالجبهة محاضرة بعنوان "الدين والدولة في الفكر السياسي الإسلامي" أكد فيها بالخصوص أن السياسة في نظر جبهة الإصلاح هي "إدارة شؤون الناس بما يرضي الله، وهي عقد بين الحاكم والمجتمع على أساس قيم العدل والمساواة وتحكيم الشرع". وعن علاقة الديني بالسياسي، اعتبر المحاضر أن المظلة الدعوية لا تكفي، وان المظلة السياسية هي الفريضة الغائبة، داعيا إلى ضرورة الربط بين الدين والسياسة، ومنتقدا المفاهيم التي تقوم عليها الدولة المدنية والتي "تقصي الدين والشريعة عن نظام الحكم" بحسب قوله. كما اعتبر أن مفهوم المواطنة يقوم على إعطاء الحقوق للأقليات بما يمكنها من الحكم وتولي أمر الأمة في حين أن الأصل في التشريع الإسلامي، بحسب رأيه، أن لا يتولى أمر الأمة إلا المسلمون. وانتقد الديمقراطية بمفهومها العلماني معتبرا أنها يمكن أن "تبيح حراما وتحرم حلالا باسم سيادة الشعب" بحسب ما قال. أما صالح البوعزيزي الناطق الرسمي باسم الجبهة، فقد عرف الشريعة بأنها "السعي لضبط الأفراد والجماعات وسائر المؤسسات بمرجعية الوحي وفق المصلحة والمفسدة." ونفي في هذا الصدد أن تكون الشريعة مقتصرة على الجانب الجنائي المرتبط بإقامة الحدود، مؤكدا أنها تشمل كل جوانب الحياة، ومقترحا اعتماد مبدأ التدرج في تطبيقها. وتوجه بنداء إلى ما أسماهم "شباب الصحوة الإسلامية" داعيا إياهم إلى المساهمة في عملية الإصلاح والبناء ومقارعة الفكر بالفكر ونبذ العنف. كما دعا الفرقاء السياسيين إلى التواصل مع الجبهة والبحث عن المشترك، واصفا التيارات العلمانية بأنها "تعيش غربة مكان وزمان وتعزف خارج إطار العمق التاريخي للأمة" بحسب رأيه. وعن التوجهات الإقتصادية والإجتماعية لجبهة الإصلاح، قال عز الدين مصباح، أن الجبهة ملتزمة بمبادئ الإقتصاد الإسلامي كما نصت عليها أمهات كتب الإقتصاد الإسلامي والتي تعتمد على الأحكام الإسلامية. وانتقد في هذا السياق ما وصفه ب "الخيارات الإقتصادية الفاشلة" التي تم اعتمادها طيلة العشريات الأخيرة ولم تخلف، بحسب رأيه، إلا "اقتصادا هشا أدى إلى تراكم المديونية وعجز ميزانية الدولة المتواصل واسهم في اختلال النسيج الإجتماعي وارتفاع نسب التضخم".