جنيف (وات) - استقال كوفي أنان من منصبه موفدا عربيا ودوليا لسوريا في غمرة تصاعد النزاع وخروجه عن السيطرة في هذا البلد الذي يشهد معارك واشتباكات يومية أسفرت الخميس عن 120 قتيلا وكانت على أشدها في حلب حيث تجري معركة حاسمة بين المعارضين وقوات النظام في موازاة تجددها في العاصمة دمشق. وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في بيان أن أنان أبلغ الأممالمتحدة والجامعة العربية "نيته عدم تجديد مهمته حين تنتهي مدتها في 31 أوت 2012". وعزا أنان الخميس في جنيف استقالته إلى عدم تلقيه دعما كافيا، وقال "لم أتلق كل الدعم الذي تتطلبه المهمة (...) هناك انقسامات داخل المجتمع الدولي. كل ذلك أدى إلى تعقيد واجباتي". وأعرب بان عن "امتنانه العميق للجهود الشجاعة" التي بذلها أنان و"لتصميمه"، مبديا "أسفه العميق" لإنهاء مهمته. وأوضح أنه باشر مشاورات مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي ل"الإسراع في تعيين خلف (لأنان) يستطيع مواصلة جهود السلام الأساسية"، مشددا على أن الأممالمتحدة "تظل ملتزمة ببذل جهود دبلوماسية لوضع حد للعنف" في سوريا، لكنه آسف لكون "الانقسامات المستمرة داخل مجلس الأمن أصبحت عائقا أمام الدبلوماسية وجعلت تحرك أي وسيط أكثر صعوبة". وأكدت واشنطن أن استقالة أنان تعود إلى رفض روسيا والصين دعم القرارات التي تستهدف الرئيس السوري بشار الأسد. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني أن استقالة أنان تظهر كذلك رفض نظام الأسد وقف الهجمات "الإجرامية" ضد شعبه. وأسفت دمشق لاستقالة الموفد الدولي ومثلها موسكو، ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن وزارة الخارجية السورية قولها أن "سورية تعرب عن أسفها لنبأ استقالة المبعوث الأممي كوفي أنان وطلبه عدم التمديد له في مهمته"، مشيرة إلى أن سوريا "لطالما أعلنت وبرهنت عن التزامها التام بخطة (أنان) لكن الدول الساعية لزعزعة استقرار سوريا هي التي عرقلت وما زالت تعرقل تنفيذ المهمة"، وفق المصدر نفسه. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن استقالة أنان "خسارة كبرى" يجب أن لا تعيق جهود التوصل إلى حل دبلوماسي للنزاع في هذا البلد. وأشاد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ بما قام به أنان، مشددا على أن خطته "لا تزال تشكل أفضل فرصة" لإرساء السلام في هذا البلد. واعتبر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن "استقالة كوفي أنان، الموفد الخبير والحائز جائزة نوبل للسلام، تظهر المأزق المأسوي للنزاع السوري"، مؤكدا أن "الموفد الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية ينسحب، لكن وقفا لإطلاق النار وتنحي بشار الأسد و(البدء) بانتقال سياسي يحترم كل المجموعات السورية هي موضوعات أكثر إلحاحا من أي وقت". وأعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون في بيان عن "أسفها العميق" لاستقالة أنان، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي "يدعو إلى سرعة تعيين خليفة لأنان ليكمل العمل الذي كان يقوم به من أجل الانتقال السياسي السلمي في سوريا". وتصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة على مشروع قرار عربي يدعو الرئيس السوري بشار الأسد إلى التنحي، مع استمرار القتال الدامي في بلاده بلا هوادة.