أريانة 17 نوفمبر 2010 (تحرير وات)- تختص ولاية أريانة منذ القدم بالعديد من المنشات المائية من مواجل وآبار وقناطر لجلب المياه شكلت ولاتزال مادة ثرية للباحثين لاستقراء أهمية الماء لدى أهالي أريانة وتأثيره على الحياة الاقتصادية والاجتماعية منذ الفترة الرومانية والفتح الإسلامي وصولا إلى تاريخ تونس الحديث. وتعرف أريانة بكونها منتجع سكان تونس وأعيانها خصوصا في الفترة الحفصية بعد أن اختارها ابن عبد الله المستنصر سنة 1267 ميلادي لتكون مقر سلطانه وارض قصوره وقصور حاشيته وتحديدا بجنان أبي فهر التي تحوي البركة المائية الشهيرة "مدينة العلوم حاليا" حيث كانت تستقطب وفقا لدرسات الباحثين والمؤرخين اكبر كمية من المياه المجلوبة من جبل العرائس بزغوان عبر الحنايا الرومانية. ومن اجل المحافظة على الثروة المائية خصوصا في فترات الجفاف قام الفاطميون باستصلاح القناطر التي ابتكرها الرومان بهدف جلب كميات كبيرة من المياه من مكان بعيد إلى المدن والأراضي الزراعية. لكن الفضل يعود للحفصيين الذين أعادوا الحياة لهذه القناطر لتكون جنان أبي فهر بالفرع الذي أقامه الأمير الحفصي آنذاك قبلة مياه زغوان العذبة شانها في ذلك شان القصبة بتونس. ولعل حالة الارتواء التي عرفتها أريانة لاسيما في القرنين الثامن والتاسع عشر جعلت منها ملاذ العائلات الموسرة لسكان تونس التي اتخذتها مربعا للنزهة والاصطياف في فصلي الربيع والشتاء وتحافظ بذلك على مكانتها الاستشفائية وحضوتها كمتنفس صحي مهم. وتزداد هذه القيمة بمرور الزمن مع وجود آبار السقاية المشهورة في كامل أنحاء البلاد التي تستقطب الناس من كل بر لمنافعها في استئصال حصى الكلى وتنقية الجسم من الشوائب والارتواء.. من ذلك بئر بلحسن الذي يعد من أهم الآثار التاريخية لمدينة أريانة حيث شكل على امتداد السنين قبلة المرضى والزائرين للتبرك والاستشفاء وعرفت مياهه شهرة واسعة لنقائها وعذوبتها وقدرتها على منح الراحة. وقد سارعت بلدية أريانة على امتداد العقدين الماضيين إلى احتواء هذا المعلم بجعله فضاء ترفيهيا تؤمه العائلات نظرا لموقعه المتميز وسط أريانة كما أحدثت به مساحات خضراء محيطة بالبئر من خلال منبت الورود والمساحات الخضراء المختلفة. كما نجد بئر الصفصاف وسط المدينة الذي ظل لسنوات خلت ملاذ السائلين ومكان تجمع أهل السبيل يتبركون بمياهه ويجدون في شربها الراحة النفسية والبدنية حيث يعد بئر الصفصاف احد أقدم الآبار باريانة لكنه اندثر بمرور الزمن للتوسع العمراني الذي تشهده أريانة والذي نجم عنه اندثار عديد المنشات القديمة.