قمرت 14 ماي 2014 (وات) -اربعة اشهر بعد ثورة 14 جانفي تعقد الحكومة التونسية المؤقتة اول استشارة لها للنظر في برنامج اصلاحات لدعم النشاط الاقتصادي "الحوكمة والفرص" بمشاركة مختلف مكونات المجتمع المدني من احزاب وجمعيات وقطاع خاص وجامعيين ومهنيين الى جانب عدد من اعضاء الحكومة المؤقتة المعنيين. ويتطلب هذا البرنامج وفق ما اعلن عنه وزير التخطيط والتعاون الدولي تمويلات بقيمة 2400 مليون دينار سيتم تمويلها بفضل ما وعدت به الهيئات الدولية من مساعدات لفائدة الاقتصاد الوطني. وسيقدم كل من البنك العالمي والبنك الافريقي للتنمية والمفوضية الاوروبية والوكالة الفرنسية للتنمية دعما ماليا يناهز 4ر1 مليار دولار. ودعا ممثلو الجمعيات التنموية الى خلق راس مال جهوي في المناطق الداخلية على غرار ما هو موجود في المناطق الساحلية عبر وضع مخططات تنمية وانشاء صناديق خاصة بها مع تبسيط الاجراءات الادارية بخصوص بعث المشاريع. واقترحوا ان تتولى الدولة بعث مشاريع بالاشتراك مع باعثين شبان في الجهات الداخلية على ان تتخلى الدولة تدريجيا عن حصتها لفائدة هؤلاء. وطالبوا بتشريك الجمعيات التنموية في عملية التخطيط للجهات الداخلية باعتبار انها "تعمل بصفة لصيقة جدا من المواطنين في هذه الجهات". ونادوا بتخصيص خطوط تمويل لفائدة هذه الجمعيات لاطلاق انشطة اقتصادية في عمق المناطق الداخلية. واعتبروا ان تنقيح القانون المنظم للعمل الجمعياتي يعتبر امرا ملحا لتفعيل عمل الجمعيات التنموية اقتصاديا واجتماعيا. واشار ممثل حركة الديمقراطيين الاشتراكيين الى ضرورة احداث اقاليم فعالة اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا بالجهات واحداث صندوق وطني للتنمية الجهوية فضلا عن اصلاح نظام الجباية لتمكين الجهات من الاستفادة من المداخيل الجبائية. وقال ممثل الاتحاد العام التونسي للشغل ان هذا اللقاء "لا يمكن اعتباره استشارة لانه لا يخضع لمقاييس هذه الاخيرة لا من حيث الوقت الذي استغرقته او طريقة اعلام الاطراف المدعوة للمشاركة فيها من نقابات وجمعيات واحزاب" واصفا مساهمته في الحوار حول البرنامج ب"الخواطر" . ونعت برنامج الاصلاحات لدعم النشاط الاقتصادي الذي طرحته الحكومة الانتقالية للاستشارة ب"الضبابية". واوضح ان هذه الحكومة مطالبة باقرار اجراءات استعجالية ومعقولة لحل معظلة التشغيل بالاساس. وساند عضو قيادة حزب "التجديد" هذا الراي معتبرا ان هذه الاستشارة لا يمكن ان تكون كذلك لانها تتطلب اعدادا مسبقا من قبل لجان عمل والنظر في ملفات قبل مدة من عقد الجلسة. واكد ان الحركة "لا يمكن ان تقول انها وقعت استشارتها بل انها تعتبر هذا اللقاء اعلاما" ملاحظا ان الاستشارة والتحاور في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية في ظرف الثورة "صعب جدا اذا لم نقل انه مستحيل". اما ممثل حزب تونس الخضراء فقد دعا الى الاتجاه الى الاقتصاد الاخضر الذي من شانه ان يساهم في احداث نحو 50 الف موطن شغل. وتحدث عدد من المتدخلين من الخبراء الاقتصاديين والقانونيين عن ضرورة مراجعة عدد من المشاريع الكبرى غير المجدية والعمل على ايقاف تنفيذها" واعادة النظر فى برنامج تحرير الدينار. واكدوا ان المشكل المطروح حاليا يتمثل في كيفية دفع الاستثمار والطلب الداخلي معتبرين ان مخططات الحكومة الانتقالية ليست مندمجة ولا تتم وفق رؤية مسبقة بل انها تجري تحت ضغط الطلبات الاجتماعية والصفة الاستعجالية للوضع. كما تطرقوا الى ضرورة التدقيق في ما تم طرحه بشان بعض محاور البرنامج مثل النفاذ الى الوثائق الادارية والصفقات العمومية وشركات الاستثمار ذات راس مال مخاطر ومجلة تشجيع الاستثمار فضلا عن اهمية مراجعة مجلة الاستثمار الخارجي. ودعا المتدخلون الى عدم تاخير موعد الانتخابات المقررة ليوم 24 جويلية 2011 لانه وحده الكفيل "بوقف النزيف وخلق الامل في كل المناطق دون استثناء . واشاروا الى اهمية ان تكون المجالس الجهوية منتخبة وتمثل المعنيين بقضايا التنمية في الجهات مؤكدين ضرورة التشجيع على مزيد الاستثمار في الجهات الاقل حظا. وابرزوا اهمية استعادة مناخ الثقة بين مختلف الاطراف المتدخلة ووضع صيغ ذات مصداقية لتامين التوزيع العادل للثروات بين الجهات خاصة من خلال استنباط حلول سريعة واحداث هياكل محلية تمثل المواطن التونسي اينما كان ومزيد تشريك هياكل المجتمع المدني في صنع القرار وتنفيذه. وأفاد ممثل عن الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري أن الاتحاد بصدد إعداد "مذكرة تأليفية تشمل تصورات المهنيين حول تطوير القطاع الفلاحي على المديين القصير والمتوسط" موضحا أن هذه المذكرة تعالج مسائل متصلة بالتشغيل في القطاع الفلاحي ومديونية الفلاحين وتحسين الانتاجية ورفع جودة المنتوج ... ودعا المتحدث الى اتخاذ الاجراءات اللازمة للتقليص من الكلفة "المرتفعة" للانتاج الفلاحي وتركيز الجهود لتحسين الانتاجية والرفع من جودة المنتوج التونسي. من ناحية أخرى دعت ممثلة عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية الى "التسريع" في صرف التعويضات المالية للمؤسسات المتضررة من أعمال التخريب والنهب التي طالت النسيج الاقتصادي خلال الثورة مؤكدة أهمية استتباب "الأمن" حتى تواصل المؤسسات الاقتصادية نشاطها وحتى يتسنى احداث استثمارات جديدة وخاصة في الجهات الداخلية. وذكرت أن منظمة الاعراف تجري "اتصالات كبيرة" في الخارج لاستقطاب مستثمرين أجانب مشيرة إلى أن هؤلاء المستثمرين "يطالبون بتوفير الأمن وفك الاعتصامات" للانتصاب في تونس. وعلى صعيد اخر تطرق البعض الى ضرورة ايجاد خطة اتصالية مع التونسيين بالخارج وتوفير اطار افضل لمزيد توظيف قدراتهم في تعزيز مجهودات الدولة في مجالات عدة على غرار التوظيف بالخارج والبحث العلمي والتكنولوجي .