قال وزير الثقافة السابق وعالم الاجتماع مهدي مبروك إنّ الهجرة السرية نشأت في تونس منذ سنة 1990 بعد أن فرضت السلطات الإيطالية والإسبانية التأشيرة على الدول المغاربية. وأضاف مبروك في تصريح لموقع "الشاهد" أنه بعد دخول الدولتين في فضاء شنغن قررتا فرض التأشيرة على دخول الأجانب وهو ما تسبب في اندلاع الهجرة غير الشرعية، مبيّنا أنه منذ 30 سنة تواصلت ظاهرة الهجرة الشرعية ولم يفلح في منعها نظام بن علي، رغم الإطار القانوني المتشدد والمستوحى من قانون مكافحة الإرهاب. واعتبر المبروك تصريح رئيس الجمهورية الذي يعتبر فيه أن ارتفاع الهجرة غير الشرعية مؤامرة تقف وراءها أطراف من أجل أغراض سياسية أمر غير دقيق وغير علمي، مبيّنا أن ارتفاع عدد المهاجرين بطريقة غير شرعية مرتبط بالقبضة الأمنية. وأضاف مبروك أن تونس سجلت سنة 2011 بعد الثورة موجة كبيرة للهجرة غير النظامية، حيث هاجر في ظرف أسابيع أكثر من 25 ألفا. وشدّد المتحدث على أن الهجرة ليست لها أسباب سياسية أو مؤامرة، بل هي نتيجة التباين الاقتصادي بين ضفتي المتوسط، إضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة وانخفاض نسب النمو ومخلفات جائحة كورونا. وتابع بأن هذه الأسباب الاقتصادية والاجتماعية تدفع بالشباب نحو المغامرة القاسية. وكان بلاغ لرئاسة الجمهورية نقل فحوى المكالمة الهاتفية التي جرت يوم 31 أكتوبر 2020 بين رئيس الجمهورية قيس سعيد والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أشار إلى أنّ الرئيسين تناولا "موضوع الهجرة غير النظامية والحلول التي يجب التوصل إليها معا لمعالجة هذه الظاهرة التي تتفاقم بين الحين والآخر بهدف تحقيق أغراض سياسية". وفي وقت سابق، يوم 2 أوت الماضي صرح رئيس الجمهورية بأن الهجرة غير النظامية "يتم اليوم التنظيم لها لأسباب سياسية"، وفق تعبيره، وذلك خلال زيارته للموانئ البحرية بصفاقس والمهدية. وتجدر الإشارة إلى أن الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين، قالت في سنة 2011، إن موجات الهجرة الجماعية الكبيرة نحو السواحل الإيطالية انطلاقا من تونس، يقف وراءها النظام الليبي. وذكر مهدي مبروك أنه ردّ عليها في ذلك الوقت عندما كان في المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، مؤكدا أن ذلك وهم ومخالف للحقيقة حول أن القذافي يريد إجهاض الثورة التونسية من خلال تهجير التونسيين عبر البحر إلى إيطاليا. وتساءل المبروك: الهجرة انطلقت في سنة 1990 فهل كانت تآمرا على نظام بن علي؟ وأردف قائلا: "توجد أسباب هيكلية لوجود الهجرة وهي التباين الاقتصادي بين الدول والبطالة والحروب التي تندلع أحيانا وغيرها".