قال أستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد، إنه بعد تمحيص قراءة الفصل 80 من الدستور، تبين أن النص يلفّه الغموض وتنقصه الدقة. وينص الفصل 80 على ''لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب. ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويُعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حلّ مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة. وبعد مُضيّ ثلاثين يوما على سريان هذه التدابير، وفي كل وقت بعد ذلك، يُعهَد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو ثلاثين من أعضائه البتُّ في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه. وتصرح المحكمة بقرارها علانية في أجل أقصاه خمسة عشر يوما. ويُنهى العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها. ويوجه رئيس الجمهورية بيانا في ذلك إلى الشعب.'' وقال بلعيد: ''هذا نص فيه غموض ويفتح المجال للتقدير الشخصي لرئيس الجمهورية.. ما هو الخطر الداهم؟ لم يفسّرها النص.. وما معنى يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة؟ وحين يعود السير العادي؟ هل يعني أنو معدش ممكن لرئيس الدولة يقول فما خطر داهم؟ ما الذي يحدد الخطورة؟''. وخلص إلى القول ''النص رغم أنه فيه شكلا فيه بعض الإمكانيات، يبقى فيه أخذ وردّ". واعتبر بلعيد أن الأزمة تكمن حسب تقديره، وفي ظل غياب محكمة دستورية، في الدستور نفسه الذي لم يفترض أزمة مماثلة، قائلا ''لا وجود لفصل يتيح حلا.. الحل من خارج الدستور". وأوضح ''يمكن لرئيس الجمهورية تعليق العمل بالدستور ليتمكن من استشارة أهل الذكر لإيجاد حل.. في 2011 الدستور تخلينا عن الدستور واعتبر رئيس الحكومة السابق الباجي قائد السبسي أن الوضع خطر وتم التخلي عن الدستور لصياغة دستور جديد، أقول أن الوضع اليوم ذاهب في هذا الاتجاه". وخلص إلى الحل الآتي: ''الأفضل أن يقع تجميد مؤقت لأحكام الدستور ويقع الالتجاء إلى أهل الخبرة للقيام بتصوّر حل وتنقيحات في الدستور ولم لا تغيير النظام السياسي. تونس اليوم في منعرج". وأضاف ''ليس الرئيس وحده من يقوم بهذا الدور، وجب وجود تجاوب من المجتمع المدني والمؤسسات ليقع نوع من التوافق على مراجعة الدستور في مدة معينة وفي حدود معينة للوصول إلى الموافقة على هيكلية سياسية، وبعد ذلك يمكن اللجوء إلى استفتاء من الشعب". وأثارت هذه التصريحات جدلا واسعا حيث استغرب نشطاء وسياسيون من تصريحاته والتي تدعو ضمنيّا إلى التخلي عن الدستور والاستعانة بأهل الذكر. وعلق النائب عن كتلة الائتلاف الكرامة عبد اللطيف العلوي على تصريحات الصادق بلعيد بالقول : في عهد بن علي كان هناك "توارزيّه" متع قانون دستوري، يفصّلون ويخيطون دائما حسب الأقيسة التي يطلبها الحريف. والصادق بلعيد اليوم تحدّث في موزاييك كتارزي، وليس كأستاذ قانون دستوريّ، ودعا إلى تعطيل العمل بالدستور والاستعانة بالخبراء! بدوره، نشر النائب عن حركة النهضة سمير ديلو ما قاله بلعيد على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، مرفقا كلامه بنقطة تعجّب. ودوّن المحامي شكري عزوز "كنا نظن الرجل كبر وأعمل عقله (81 عاما) وتجاوز الصّدمة (عدم النجاح في انتخابات 2011) وإذا به اليوم يرجع لنفس الحكاية: بإمكان رئيس الجمهوريّة دستوريّا حلّ البرلمان (...) بالطبيعة هذي منامة عتارس ولا يوجد فصل في الدستور يخوّل لرئيس الجمهوريّة حلّ المجلس، بل الفرضيّة العكسيّة هي الموجودة. الصلاحيات الدستورية المتاحة لكلّ مؤسسة ولكل سلطة موجودة في الدّستور ليست فانظازمات أو شهوات".