تعيش تونس على صفيح ساخن أمام تصاعد وتيرة الاحتجاجات والاعتصامات آخرها احتجاجات أصحاب الشهائد العليا العاطلون عن العمل الذين خرجوا اليوم الخميس في يوم غضب وطني في كامل ولايات الجمهورية. وتحت شعار"الانتداب حقّي" خرج المعطلون العمل والمشمولون بالقانون عدد38 بكل من ولايات القصرينوقفصة وسيدي بوزيد وصفاقس والكاف وسليانة والمهدية وسوسة وذلك للتعبير عن رفضهم القاطع لعدم تفعيل القانون عدد 38 وانتدابهم في الوظيفة العمومية. ويأتي غضب أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل بسبب تراجع رئيس الجمهورية قيس سعيّد عن تفعيل القانون المذكور بحجّة انه لا يريد بيع الأوهام والأحلام للشباب، تصريحٌ أغضب المعطلون الذين اتهموه "بالتنكّر لوعوده"و محاولة "استغلالهم" لخدمة مشروعه السياسي خاصة وانه ختم المشروع نفسه قبل سنة. وينص القانون 2020/38 على انتداب حاملي الشهادات العليا الذين زادت بطالتهم عن عشر سنوات، مباشرة وعلى دفعات في الوظيفة العمومية، لكن رئيس الجمهورية يدافع عن التشغيل في شركات أهلية خاصة، معللا ذلك بأن الدولة لم تعد قادرة على التشغيل في الوظيفة العمومية. وردّد المتظاهرون شعارات من قبيل "شغل حرية كرامة وطنية"، "التشغيل أولوية مش زيادة في الشهرية"، "انتداب انتداب لا تراجع لا انسحاب"، "حق التشغيل واجب". وفي القصرين، أكدت عضو تنسيقية المعطلين عن العمل بسمة الزرقاني أن الحالة الصحية للمعتصمين في مقر الولاية بعد إعلان رئيس الجمهورية عدم تنفيذ القانون عدد38 متدهورة بعد دخولهم في اضراب جوع وحشي. كما نفذ عدد من أصحاب الشهائد العليا بولاية سوسة وقفة إحتجاجية ،بساحة حقوق الإنسان، للمطالبة بالإنتداب الفوري. وبولاية قفصة، أكد الأسعد جدّي عن التنسيقية الجهوية " الانتداب حقي "أن إحتجاجات العاطلين عن العمل بمختلف جهات البلاد هي شرارة انتفاضة معطّل بعد تنكّر رئيس الجمهورية لهم وضربه لقانون إنتدابهم عرض الحائط ، قائلا في ذات السياق "إن إلغاء قيس سعيد لقانونهم كان بمثابة رصاصة الرحمة لكننا لا نأبى أن نموت منهزمين بل سنموت منتصرين شامخين " وفق تعبيره. وذكر جدّي أن قرار رئيس الجمهورية القاضي بإلغاء قانون انتدابهم ليس في مصلحة البلاد ومن شأنه أن يدخلها في ثورة جديدة حسب قوله. ومن جهتها بينت المنسقة الجهوية للإنتداب حقي بولاية المهدية ، جوهرة قيطرانة أن قدوهم لولاية القصرين يأتي مناصرة لزملائهم الذين دخلوا منذ خمسة أيام في إضراب جوع وحشي تنديدا بقرار رئيس الدولة الذي تنكر لهم وألغى قانون انتدابهم بعد سنوات من النضال والبطالة . وشددت المتحدثة على تواصل نضالهم في سبيل إفتكاكهم لحقهم في الشغل ، مبرزة أنه ليس من حق رئيس الجمهورية المس من قوانين الدولة وخاصة قانون أكبر فئة ظلمت وتعذبت من الحكومات المتعاقبة . ودعا المحتجون رئيس الجمهورية إلى التراجع عن تصريحاته الاخيرة وتفعيل القانون عدد 38 أو إيجاد البديل شريطة أن يكون صلب الوظيفة العمومية أو القطاع العام و يقترح المحتجون بعث صندوق و يقع تمويله من قبل رجال الاعمال لتنفيذ القانون المذكور.وفي حركة رمزية سيتوجه المعطلون إلى المفوضية الدولية للاجئين للفت نظر السلط. يشار إلى أن رئيس الجمهورية قيس سعيد قد رد في لقائه أمس مع وزيرة التجارة فضيلة الرابحي على الانتقادات الموجهة له بخصوص الشركات الأهلية لتشغيل الشباب عوضا عن القانون 38 وتساءل ألا يمكن أن نُحدِث بقانون شركات أهلية تمكن المواطن وخاصة الشباب من خلق الثروة بأدوات جديدة؟. وشدد على أنه لا يمكنه أن يقدم وعودا وهمية. وكان البرلمان التونسي قد صدّق بتاريخ 29 جويلية 2020 بأغلبية 159 نائبا على فصل إضافي في مشروع قانون المالية لسنة 2021 يقضي بتخصيص اعتمادات لتمويل انتداب 10 آلاف عاطل عن العمل من أصحاب الشهادات العليا ممن بلغت فترة بطالتهم 10 سنوات بمقتضى القانون عدد 38 الصادر في 13 أوت 2020 والمتعلق بأحكام استثنائية للانتداب في القطاع العمومي. وفي 16 أوت من السنة ذاتها وقّع رئيس الجمهورية قيس سعيد القانون، وأمر بنشره في الجريدة الرسمية للبلاد ليصبح قانونا من القوانين النافذة للدولة. من جهتها، نشرت رئاسة البرلمان بيانا، أكّدت فيه على شرعية القانون عدد 38 والمتعلق بمن طالت بطالتهم والذي سبق وأن صادق عليه مجلس نواب الشعب وتولى رئيس الجمهورية ختمه والإذن بنشره بالرائد الرسمي مما يجعل تطبيقه واجب ضمن منطق استمرارية الدولة واحترامها لتعهداتها مع مواطنيها.