لا يفوّت الرئيس قيس سعيد خطابا إلا واستغله لتمرير رسائل تحمل في العادة طابعا تهجميا، فتارة يلوح بمحاسبة السياسيين والأحزاب، وطورا يتوعد بتطهير القضاء وربما إزاحة المجلس الاعلى للقضاء. وفي الآونة الاخيرة اختار قيس سعيد أن يكون خصما للإعلام الذي وصفه "بالإعلام الكاذب". ووجه قيس سعيد أمس الاثنين انتقادات لاذعة إلى وسائل الإعلام التي اتهمها بتشويه الحقائق حول الأوضاع التي تشهدها تونس. وقال سعيد، خلال لقاء جمعه برئيسة الوزراء نجلاء بودن، إن بعض وسائل الإعلام تتعمد في نشراتها الإخبارية تشويه الحقائق، مضيفا: "يتحدثون عن بعض المسائل التافهة ثم بعد ذلك يتحدثون عن جملة من القضايا الأساسية والجوهرية". وتابع: "في تونس الحرية يعتبرونها عملية ثلب وشتم وقذف عن طريق وسائل الإعلام... هؤلاء تقف وراءهم لوبيات مالية". وتطرق سعيد إلى كيفية تناول الإعلام موضوع الاستشارة الإلكترونية، قائلا: "كل يوم يضعون على أعمدة الصحف الاستفتاء الإلكتروني بين معقفين، لو وضعوا أنفسهم بين المعقفين لكان أفضل". وأردف سعيد: "هؤلاء ينطبق عليهم قول مظفر النواب يكذب يكذب يكذب.. كنشرة الأخبار". ولا يعترف قيس سعيد بالإعلام، بل انه لم يجر لقاءا صحفيا واحدا مع صحفي تونسي منذ اكثر من 6 أشهر وحتى الندوات الصحفية التي عقدها قيس سعيد مع نظرائه تمت دون حضور الاعلام في سابقة هي الاولى في تاريخ الدولة التونسية. وفي هذا السياق، قال الإعلامي مراد الزغيدي إن قيس سعيد هو الرئيس الوحيد بعد الثورة الذي لم يقبل النقد ورغم أنه أعطى تصريحا واحدا للإعلام التونسي فإن هذا الأخير لم يكن قاسيا معه. وقالت المحامية سنية الدهماني لإذاعة "ديوان اف ام" إن تهجم رئيس الجمهورية على الإعلام ليس بالأمر المفاجئ مشيرة إلى أن الرئيس يستعمل نفس الخطاب مهما كان الميدان أو الموضوع الذي يتحدث عنه. وبينت الدهماني أنه بالنسبة إلى قيس سعيد، إذا تحدث عن النواب والسياسيين فهم فاسدون ووراءهم لوبيات، وإذا تحدث عن القضاة فهم أيضا فاسدون ووجب تطهير القضاء وأضافت: اليوم جاء دور الاعلام. وتابعت قائلة " إمّا تكون موافقا للرئيس وتصفق وتهلل لاختياراته واستشارته، وإلا أنت فاسد ووراءك لوبيات"، مشيرة إلى أن الرئيس بطبيعته لا يحب الإعلام ولا يتعامل مع الإعلاميين التونسيين، حسب تصريحها. بدوره قال الإعلامي برهان بسيس إن خطاب الرئيس ليس جديدا، لكنّ "التوازن في أخبار الثامنة على الوطنية لم يعجب الرئيس". وتابع برهان بسيس "رغم كل شيء أفضل اعلام عربي هو إعلام تونس ". من جانبها ، اكدت عضوة المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين المكلفة بالعلاقات الخارجية، فوزية الغيلوفي، أن ما قام به سعيد "هجوم مجاني ومتواصل على الإعلام منذ توليه رئاسة الجمهورية". وأضافت في تصريح لموقع "العربي الجديد" أنّ "الأمر ليس بجديد نظرًا لعلاقته المتوترة بالإعلام ورفضه التعامل معه بشقيه العمومي والخاص، ولكن هذه المرة أصبح الهجوم معلنا أكثر ومباشرا". وكشف نقيب الصحافيين مهدي الجلاصي في تصريح لوكالة رويترز أنّ هناك قرارا سياسيا بمنع الأحزاب من دخول التلفزة الوطنية.