اعتبر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أنّ وزارة البيئة تعتمد "سياسة الهروب إلى الأمام" في إدارة أزمة النفايات بصفاقس. واستنكر المنتدى، في بيان، أول أمس الجمعة، "اللجوء المتواصل لصناع القرار إلى الحلول الترقيعية عن طريق نقل التلوث من مكان إلى آخر وإسقاطه باستمرار على الجهات والفئات المهمشة والتي تفتقر إلى الآليات السياسية والاقتصادية للتصدي له"، وذلك في إشارة إلى اختيار موقع جديد لتجميع النفايات يبعد عن مركز ولاية صفاقس 60 كلم، بمنطقة ليماية بمعتمدية منزل شاكر. وتتمثل خطة وزارة البيئة، حسب ما ورد في بيان المنتدى، في الشروع بتجميع النفايات بهذه المنطقة قبل تحويلها فيما بعد إلى مصب مراقب. وذلك بعد قرار سابق مشابه له والمتمثل في التوجه بالنفايات نحو معتمدية المحرس، وعدلت عنه وزارة البيئة بعد اندلاع احتجاجات منددة بتركيز المصب بالمنطقة. وكان اختيار المحرس بعد انتفاضة سكان مدينة عقارب في سبتمبر الماضي، ضد استمرار استغلال مصب الفضلات بالجهة رغم تجاوز المدة القانونية لاستغلاله، وأدّت الاحتجاجات إلى غلق المصب، بعد أن عرفت المدينة إضرابا عاما ومظاهرات شهدت مقتل أحد المحتجين. ولا تزال أزمة تراكم النفايات بصفاقس قائمة منذ 4 أشهر، في عدة نقاط بالجهة ومن بينها المستشفى الجامعي.. حيث مرت عليها كل العوامل المناخية من أمطار ورياح وحرارة، ما بات ينذر بكارثة صحية خطيرة، وفق ما نقلته وكالة أنباء الأناضول. وفي الوقت الحالي، يستمر تجميع نفايات ولاية صفاقس، مؤقتا بمصب طريق الميناء، إلى حين استكمال تهيئة الموقع المتفق عليه بمنطقة ليماية. وكان سكان ليماية تصدوا إلى عملية التهيئة واحتجوا رافضين أن يتم استغلال الموقع مصبّا جديدا للنفايات. وأشار المنتدى إلى أنّه جرت "مساومة" مواطني ليماية من أجل أن يقبلوا بإحداث المصب مقابل مجموعة من الإجراءات والحوافز التنموية. وهو ما يتعارض مع مبدأ عدم قابلية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمساومة لأنّ "الحق في التشغيل والعيش الكريم مثلها مثل الحق في بيئة سليمة حقوق مشروعة ومدسترة ولا يمكن المساومة عليها"، وفق ما ورد في بيان المنتدى. وقال المنتدى إنّه لئن كان الالتجاء إلى الأراضي الدولية البعيدة عن مناطق العمران لاستقبال النفايات، فإن خاصية التحلل لدى النفايات يجعلها تتسبب في التلوث الهوائي والترابي والمائي وتسبب أضرارا كبيرة على المنظومة البيئية يصعب تداركها. وشدّد المنتدى على ضرورة إتباع الحلول المستدامة للتصرف في النفايات عن طريق التوجه نحو سياسة الفرز والتثمين والقطع نهائيا مع تقنية الردم لما لها من آثار سلبية في البيئة والصحة. وهكذا تظلّ صفاقس العاصمة الاقتصادية لتونس، التي تؤوي 2300 وحدة صناعية في مجالات النسيج والملابس والصناعات الغذائية والميكانيكية والكيميائية والكهربائية والخشب، تضم أكثر من 700 مؤسسة و150 وحدة صناعية مصدرة بالكامل، إضافة إلى 95 شركة ناشطة في التجارة الدولية، رهينة الحلول المؤقتة لأكبر أزمة بيئة تمرّ بها، ورهينة "المساومات" والاتفاقات المسكّنة والمؤجلة للاحتجاجات.