يُواصل الرئيس قيس سعد فرض سيطرته المباشرة على مؤسسات الدولة، وعلى الحكم ليصدر بعد أشهر من تعليق عمل البرلمان، وحل المجلس الأعلى للقضاء وتنصيب مجلس مؤقت، مرسوما يقضي باستبدال أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بسبعة أعضاء جدد، ما قد يهدد العملية الانتخابية ويؤثر في مصداقيتها، حسب رأي الكثيرين. وخلّف إمضاء سعيد مرسوما رئاسيا سيعدل من خلاله القانون الأساسي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، جدلا سياسيا وقانونيا حادا في البلاد، في ظل الاتهامات التي تطارد سعيد بتوجهه نحو الاستفراد بالحكم. وقال رئيس هيئة الانتخابات في تونس نبيل بافون في تصريح ل"رويترز" إن الهيئة لم تعد مستقلة بعد مرسوم الرئيس باستبدال أعضائها، مضيفا "أصبح واضحا أنها هيئة الرئيس". وستتكون الهيئة الجديدة وفقا للمرسوم من سبعة أعضاء مكتب الهيئة يتكون من 7 أعضاء، يختار رئيس الجمهورية 3 منهم من الهيئات السابقة. ويضاف إليهم 4 أعضاء يختارهم رئيس الجمهورية بعد أن "تقدم الترشيحات من قبل الهياكل المعنية". وينص المرسوم أن سعيد هو فقط من يحق له إعفاء أي عضو من الهيئة الجديدة أو رفض ذلك، كما يعين بنفسه رئيس هيئة الانتخابات الجديدة من بين ثلاثة أعضاء سابقين في هيئات الانتخابات السابقة. وأعلنت حركة النهضة الجمعة، عن رفضها للمرسوم الذي أصدره سعيد، معتبرة في بيان لها أن هذا المرسوم يعبّر عن الاستخفاف بالشعب التونسي وثورته والإمعان في تفكيك الدولة والاستحواذ على كل السلطات وتخريب المكاسب الديمقراطية. وأوضحت أن رئيس الدّولة ألغى بموجب هذا المرسوم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الشرعية وأعلن عن تركيبة لهيئة جديدة يعيّن رئيسها وأعضاؤها بالتنصيب لا بالانتخاب في خطوة جديدة في اتجاه استكمال أركان الانقلاب، حسب وصفها. ودعت القوى الوطنية للتصدّي لمشروع رئيس الدولة الاستبدادي واتخاذ الخطوات الضرورية لإنقاذ البلاد واستئناف المسار الدستوري الديمقراطي. وأدان حزب العمّال المرسوم المذكور وقال إنه "لا هدف منه سوى وضع اليد على أية عملية انتخابية وطنية أو محلية بما يكشف طبيعة توجهات سعيد التي تريد إعادة إنتاج الدكتاتورية والحكم الفردي المطلق وتزوير الإرادة الشعبية". وأضاف الحزب في بيان له اليوم السبت إنّ رئيس الدولة، قد "عزّز بهذا المرسوم أغلب شروط عملية تزييف إرادة الشعب، وبما ينوي تنفيذه من استفتاء معلوم النتائج ومن انتخابات حدد من الآن قواعدها وإطارها الذي سيكون التصويت على الأفراد في دورتين. ونبّه المحامي أنور القوصري إلى أنّ الفصل 70 من الدستور ينصّ على أنّه "في حالة حل مجلس نواب الشعب... يستثنى النظام الانتخابي من مجال المراسيم"، وتساءل كيف سيغير قيس سعيد النظام الانتخابي؟ وأشار القوصري، في تدوينة على حسابه بموقع فايسبوك، إلى أنّ قيس سعيد وضع عبارة "بعد الاطلاع على الدستور" في مرسوم تنقيح القانون الأساسي لهيئة الانتخابات. لكنّه لا يلتزم بالدستور مثل جميع أعماله منذ 25 جويلية التي حمّلها كلّها للفصل 80 من الدستور.