تمكنت تونس و التي ينظر إليها العالم على أنها أكثر الدول العربية تقدميّة في مجال حقوق الإنسان، من إحراز خطوات إضافية هامة في هذا المجال. و تتجه بوصلة المشرع التونسي في السنوات الاخيرة صوب تعديل منظومة حقوق الانسان في البلاد ، من خلال سن تشريعات تولي عناية بالاقليات المضطهدة على غرار أصحاب البشرة السوداء و الافارقة القاطنين بتونس ، و من خلال سن قوانين تحصن المرأة و الطّفل و تحميهم من التعرض لشتى انواع الانتهاكات ، دون ان ننسى الهيئات التي تم تركيزها و التي ينضوي عملها في المجال الحقوقي ،على غرار الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب و الهيئة العليا لحقوق الإنسان فضلا عن وجود اجهزة رقابية تابعة للوزارات التونسية . تونس تستعد لإصدار قانون ضد التمييز العنصري تعود قضية التمييز العنصري في تونس، هذه المرة من منفذ قانوني بحت و بمشروع قانون جديد يجرم التمييز العنصري ، بعد مطالبة منظمات المجتمع الوطني و المنظمات الحقوقية السلطات التونسية بالبحث عن سبل قانونية و أطر تشريعية تحمي أصحاب البشرة السوداء خاصة و انهم يمثلون جزءًا لا يتجزأ من المجتمع التونسي . و تستعد الحكومة التونسية لإحالة مشروع قانون جديد ضد التمييز العنصري إلى مجلس نواب الشعب، لتصبح تونس في حال إقراره ثاني دولة أفريقية تقر قانونا لمناهضة العنصرية بعد جنوب أفريقيا. وأعلنت وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني التونسية أن القانون يعرّف الفعل التمييزي، ويقر جملة من الإجراءات والآليات والتدابير الوقائية والحمائية والزجرية والعقابية بهدف القضاء على كل أشكال التمييز العنصري ومظاهره. وفي حال إقرار القانون الجديد تصبح الدولة ملزمة بضبط السياسات، وخطط العمل الكفيلة بالوقاية من مظاهر وممارسات التمييز العنصري والتصدّي لها، ونشر ثقافة حقوق الإنسان والمساواة وقبول الآخر، مع اتخاذ كل التدابير لتنفيذ ذلك في كل القطاعات خصوصاً الصحّة والتعليم والتربية والثقافة والرّياضة والإعلام. يشار الى ان ملف التمييز العنصري في تونس لم يتم التطرق اليه قبل الثورة و كان من الملفات المسكوت عنها ، الا ان صيحات الفزع التي أطلقها اصحاب البشرة السوداء و خصوصا منهم الطلبة الأفارقة الذين تحدثوا عن قضيتهم في الوسائل الاعلامية ، أكد وجود اضطهاد عنصري بحقهم في تونس، في المقابل ، يرى البعض الآخر أنّه بالرغم من أنّ تونس تعتبر سباقة في إلغاء الرق منذ عام 1846 ونشر المساواة، إلّا أنّها ما زالت تشهد حتى اليوم حالات من التمييز العنصري تجاه أصحاب البشرة السوداء. وظلت هذه الظاهرة راسخة في سلوكيات بعض الأفراد. مشروع جديد لحقوق الإنسان في تونس يعكف البرلمان في هذه الفترة على دراسة مشروع قانون يتعلق بالهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية. وتعمل لجنة الحقوق والحريات في البرلمان على تنظيم استشارات وطنية وجهوية وإشراك المجتمع المدني والهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية في نقاش الفصول المنظمة لعمل الهيئة. و ترتكز مهام الهيئة في الأساس على رصد انتهاكات حقوق الإنسان، وإنجاز بحوث حول حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وإعداد تقارير سنوية. وقد عرضت الهيئة أكثر من مرة تقريرها على لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية في البرلمان، مؤكدة أنّه بعد عدد من الزيارات إلى السجون جرى تسجيل حالات انتهاك في حقوق الإنسان في مراكز التوقيف والسجون. تعتبر الهيئة العليا لحقوق الإنسان التي تأسست عام 1991 وأعيد تنظيم أوضاعها بمقتضى القانون رقم 37 لسنة 2008 من بين أبرز الهيئات الدستورية التي تقدم تقارير عن واقع الحقوق والحريات في تونس. لكنّها في ظل النظام السابق حادت عن مهامها ولم تكن سوى هيئة صورية.