عدّل كل السياسيين بوصلتهم منذ أشهر على الاستحقاق الانتخابي البلدي في ماي 2018، بعد ان يئسوا من إمكانية تعطيله أكثر من ذلك، فانكبت أحزابها بالتنسيق مع ممثلين عن منظمات المجتمع المدني وعدد من الشخصيات المستقلة على الاعداد لقائماتها الانتخابية لتقديمها في الآجال القانونية على أن لا يتجاوز 22 فيفري الجاري، وتحصينها من أي إخلال أو استجابة للشروط تفاديا لإسقاطها. ويبدو أن لعنة السلطة حلت على عديد الشخصيات وأفقدتها قدرتها على التحليل أو التقييم، الأمر الذي جعلها تفقد كاريزمتها السياسية، وتحولت الى مجرد قلابس سياسية، حيث اختلفت أساليب السياسيين في سباقهم نحو بلوغ الانتخابات واجتيازها بنسبة لو قليلة من النجاح، بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة، فتنوعوا بين من يصارع من أجل البقاء والمواصلة، ومن يسعى الى لفت الانتباه وإحداث زوبعة تمكّنه لفترة من تصدر المشهد الاعلامي وإحداث جدل يمكّنه من توسيع قاعدته الجماهيرية. وانفرد رئيس حزب البديل مهدي جمعة في لفت الانتباه الى شخصه، إذ اكد في اخر تصريحاته أنه كان من بين أكثر السياسيين في فترة حكمه عرضة للاغتيال بقوله "الأجهزة الأمنية فكّكت خلية إرهابية أرادت اغتيالي حتى أني تركت وصية في أدراج مكتبي تضمنت 3 أسماء وزراء لإكمال المهمة من بعدي إن وقع اغتيالي". وقال أنه قدم كل ما يمكن فعله في قضية اغتيال الشهيد شكري بلعيد ولم يتعهد إلا لابنته نيروز بالثأر لوالدها، ولذلك أعطى الأوامر بالقبض والقضاء على كل من تورط في الجريمة، نافيا أن يكون القضاء على كمال القضقاضي بنيّة قبر الملفات. هذا ويُتّهم المهدي جمعة منذ عودته الى المشهد الاعلامي بعد طول غياب بالسقوط في العديد من المتناقضات خصوصا أنه لم ينفّذ الإصلاحات أو التصورات والرؤى، التي يتشدّق بها الآن، خلال تقلده منصب رئيس للحكومة في العام 2014. واعتبر المهدي جمعة ، في تصريح لصحيفة العرب اللندنية، أن من يمسك بمقاليد الجهاز التنفيذي هو رئيس الحكومة وليست الأحزاب، وبالتالي فهو من يتحمل مسؤولية كل الخيارات، محمّلا في الوقت نفسه منظومة الحكم مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البلاد من تقهقر. وقال المهدي جمعة في تقييمه للوضع المتأزم الذي تعيش على وقعه تونس إن الأمور تعقّدت أكثر خصوصا بعد أن صنف الاتحاد الأوروبي تونس مرّة أخرى على قائمة سوداء جديدة وتتعلق هذه المرة بمخاطر عالية في تمويل الإرهاب وغسيل الأموال. كما اعتبر أن حكام تونس اليوم لا يملكون أي تصورات لإخراج البلاد من أزمتها وأنهم أمسكوا بالحكم عقب تقديم وعود فارغة المحتوى. وحول برامح حزبه الجديد البديل التونسي، أكد المهدي جمعة أن تأسيس مشروعه السياسي لم يكن اعتباطيا بل كان مرتكزا بالأساس على بعث مركز دراسات في مرحلة للتقرب من تطلعات الرأي العام. وأشار إلى أنه توجد عدة شروط لإخراج البلاد من أزمتها أولها الانطلاق في الحوكمة العصرية وضمان التماسك الوطني الاجتماعي وكذلك تطبيق الإصلاحات الكبرى حتى وإن كانت موجعة، إضافة إلى تطبيق القانون على الجميع على الرئيس والمرؤوس. وعلّق جمعة على اتهامه بالتناقض بين ما قدمه وما ينظر حوله أنه تولى الحكم لمدة لم تتجاوز الثمانية أشهر وانه نفذ كل البرامج المتفق عليها وأهمها تنظيم الانتخابات"، مشيرا الى أن ما حققته في عام أكثر بكثير مما حققته المنظومة الحالية طيلة ثلاث سنوات حسب تصريحاته. هذا ويتخذ جزب البديل لنفسه شعار العداء للنهضة و النداء ، و بالرغم من أن مهدي جمعة أكد أن هذا الحزب " سيكون حزبا قويا و بديلا للأحزاب" إلاّ أن موجة الإستقالات ، حتى قبل أن يغلق حزبه عامه الأول . وقد دفعت الضغوطات التي فرضتها الإنتخابات البلدية ببعض الأحزاب الى الإقتناع بأن مواجهة الأقطاب السياسية الكبرى على غرار " النداء" و "النهضة" لن تكون إلا عبر الوحدة والتكاتف لتبرز في الآونة الأخيرة أحزاب وجبهات سياسية جديدة على غرار الائتلاف المدني الذي ضم البديل.