لئن اختلفت التعريفات حول مفهوم الانتخابات البلدية وأهميتها، إلا أنها أجمعت على أنها رهان مهم لتكريس الديمقراطية المحلية و تمكين التونسيين من المشاركة في ادارة الشأن العام، ومع اقتراب موعد هذا الاستحقاق الانتخابي المنتظر في ماي المقبل، دخل المشهد السياسي التونسي مرحلة من السريالية في كثير من تمظهراته وتجلياته. فتمضي كافة الأحزاب قدما في استكمال قائماتها الانتخابية وتقديمها في مختلف الدوائر، خاصة ان هذا الموعد سيكون بمثابة الميزان الذي سيحدد ثقل كل حزب و موقعه ضمن الترتيب، بالتزامن يعيش الشارع السياسي التونسي حالة من التباينات والخلافات التي ما انفكت ترافق التحضيرات للانتخابات المحلية. وحول جاهزية الأحزاب الكبرى في البلاد، تؤكد قيادات حركة النهضة والنداء أن الحزبين سيترشحان في كافة الدوائر الانتخابية البالغ عددها 350 دائرة انتخابية، رغم اختلاف استراتيجيتهما، ووسط توقعات بأن تكتسح حركة النهضة أغلب الدوائر الانتخابية. في هذا الشأن، أكد النائب عن حركة النهضة نوفل الجمالي في تصريح ل"الشاهد"، أن حركة النهضة احترمت كل القواعد المنصوص عليها في القانون الانتخابي منها ضمان تمثيلية الشباب والنساء والتناصف العمودي والتناصف الافقي. وأشار الجمالي إلى أن الحركة اختارت منذ البداية أن يكون نصف المرشحين ضمن القائمات الانتخابية مستقلين ونصفها الاخر من أبناء الحركة. وحول القائمة المرشحة في بلدية تونس أو ما بات يعرف بشيخ تونس، قال الجمالي أن الحركة لم تحسم بعد في الاسماء المرشحة لهذه الدائرة، وأنها مازالت محل نقاش على أن يقع الاعلان عنها خلال اليومين القادمين. هذا وأكد الناطق باسم حركة النهضة، عماد الخميري أنه سيتم ترشيح تونسي من أصل يهودي في إحدى القائمات التابعة للحركة، وأوضح في تصريح صحفي أن التونسي اليهودي سيمون سلامة سيكون ضمن قائمات الحركة في المنستير وأن القائمة جاهزة لتقديمها و تستوفي كافة الشروط القانونية. وأضاف أن ترشيح تونسي يهودي يعتبر أمرا عاديا في الحركة باعتبار أنها حزب وطني منفتح على كل التونسيين، من ناحية، والتزاما ببرنامج الحزب في الانتخابات البلدية لخدمة الناس وتحسين أوضاعهم البيئية، الصحية وعلى مستوى النقل، من ناحية أخرى. من ناحيته، أكد المكلف بالشؤون القانونية لحركة نداء تونس مراد دلش في تصريح ل"الشاهد"، أن الحركة انتهت من اختيار قائماتها في كل الدوائر الانتخابية وأن كل المترشحين في هذه القائمات هم ندائيين. وفي ما يتعلق بتمثيلية الشباب والنساء وذوي الاعاقة، أكد دلش الحركة احترمت كل النقاط الواردة في القانون الانتخابي، وضمن تمثيلية الشباب وذوي الاعاقة، لافتا الى أن نصف رؤساء قائمات الحزب هم نساء. من جهة أخرى، أضاف محدث "الشاهد" أن الحركة اختارت الخبير الدولي كمال ايدير رئيسا للقائمة الانتخابية المترشحة في بلدية تونس، و هو موظف سام ومسيّر رياضي تونسي تولى بين نوفمبر 2005 وماي 2010 رئاسة جمعية النادي الإفريقي. و متحصّل على دكتورا في الصيدلة وقد عمل أستاذا مساعدا في كلية الصيدلة بالمنستير ومديرا متفقدا عاما بالصيدلية المركزية وهو يتولى حاليا إدارة وحدة الصيدلة والدواء في وزارة الصحة العمومية. ولعب كمال ايدير في فريق كرة اليد للنادي الإفريقي كما انتمى إلى المنتخب الوطني، ونشط لعدة سنوات صلب الهيئة المديرة للإفريقي تحت رئاسة فريد عباس وشريف بالأمين وتولى منصب النائب الأول للرئيس لمدة 3 سنوات، وفي 26 نوفمبر 2005 عوض شريف باللامين. كما تولى كمل إيدير لعدة سنوات رئاسة دائرة المنزه البلدية كما تولى منصب نائب رئيس بلدية تونس ورئاسة اللجنة التنظيمية لكأس العالم لكرة اليد 2005 التي أقيمت بتونس، وقد سبق له الانتماء للجنة المركزية للتجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم. هذا وأفادت الصفحة الرسمية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات بأن عدد مطالب الترشح للانتخابات البلدية إلى غاية مساء الأحد 18 فيفري 2018، والموافق لليوم الرابع من اجال قبول الترشحات، بلغ 585 قائمة منها 411 حزبية و173 مستقلة وواحدة إئتلافية، حوالي النصف مرشحين عن حركة النهضة مقارنة بعدد القائمات المستقلة المرشحة في الدوائر ال350 . وكان عضو الهيئة أنيس الجربوعي، ذكر، أن نسبة تقديم الترشحات للمشاركة في الإنتخابات البلدية المقبلة في عموم الدوائر الإنتخابية (360 دائرة إنتخابية) بلغت 78 في المائة بعد 3 أيام من فتح باب تقديم الترشحات، موضحا أن عدد البلديات التي سجلت إيداع مطالب ترشح للمشاركة في هذا الإستحقاق الإنتخابي المقرر يوم 6 ماي 2018، بلغ 274 بلدية، في حين لم تشهد 76 بلدية إلى حدود مساء السبت تقديم أي مطلب ترشح للفوز بمقاعد مجالسها البلدية. وأفاد بأن البلديات التي لم تترشح لها بعد أية قائمة، هي في الأغلب بلديات جديدة ومحدثة مؤخرا تابعة خاصة لولايات سليانة والقصرين وقفصة وقابس وتطاوين، مضيفا أن الإدارة الفرعية للإنتخابات بنابل 1 هي الأكثر استقبالا لمطالب المترشحين. يذكر أن آخر أجل لتقديم ملفات المترشحين للإنتخابات البلدية المقبلة هو يوم 22 فيفري الجاري، ليتم إثر ذلك وفق رزنامة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، الإعلان عن القائمات المقبولة للمترشحين في أجل أقصاه يوم 3 مارس المقبل، على ان يتم لاحقا الإعلان عن القائمات المقبولة نهائيا من قبل الهيئة وبعد انقضاء الطعون، في أجل أقصاه يوم 4 أفريل 2018. و يبلغ عدد المسجلين في الانتخابات البلدية القادمة 5 ملايين و 369 ألف ، مع العلم بأنّ هذا الرقم لا يشمل التونسيين الموجودين بالخارج.