لا تزال تونس تعيش تحت وقع الرّجة التي أثارها إدراجها ضمن قائمة سوداء جديدة من قبل البرلمان الأوروبي الذي صنّفها في قائمة البلدان الأكثر عرضة لغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك بعد أقل من شهر تقريبا على تصنيف البلد ضمن قائمة سوداء للملاذات الضريبية قبل التراجع عن ذلك. وقبل أن تتجاوز تونس تأثيرات ذلك على صورتها الخارجية، وتدارك ما أحدثته من رجات على المستوى الداخلي والديبلوماسي، حتى انهالت التصريحات بوقوف تونس على أعتاب تصنيفات كثيرة جديدة تلوح في أفق المستجدات. يأتي ذلك في وقت تسعى فيه السلطات إلى التسريع في وتيرة الإصلاحات الاقتصادية وتحاول تحسين تشريعاتها الجبائية ومكافحة التهرب الضريبي، استجابة لشروط صندوق النقد الدولي، من أجل الاستمرار في دعمها ماليا. ظرف استوجب ضرورة تكاتف جهود كل الأطراف لمساعدة الحكومة على تخطي هذا الوضع الذي هز صورتها خارجا وأفقدها ثقة المانحين الدوليين والاوروبيين بشكل خاص، وأربك الديبلوماسية بعد تعافيها خلال الاشهر الاخيرة. وهو ما يثير تساؤلات حول امكانية انخراط أكبر منظمتين اجتماعيتين (منظمة الاعراف والمنظمة الشغيلة) في دعم جهود الحكومة ولعب دورهما الوطني، كما اتفق عليه منذ سنوات، وكما ساهما خلال السنوات الاخيرة في اخراج تونس من عدة أزمات كادت تعصف باستقرارها الاجتماعي والاقتصادي. في هذا الشأن، أكد عضو منظمة الاعراف توفيق العريبي في تصريح ل"الشاهد"، ان المنظمة لم تدخر جهدا في محاولة منع تصنيف تونس ضمن قائمة الدول الأكثر عرضة لتبييض الاموال ودعم الإرهاب، وتصنيفها في قائمة الدول "عالية المخاطر" في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وقال في المقابل، أن المسألة تجاوزت العلاقات الشخصية، لتكون رهين علاقات بين الدول، ورهين التزامات بين تونس وبلدان الاتحاد الاوروبي، مشيرا الى ان تدخلات المنظمات قد تساعد في إمكانية اخراج تونس من دوامة التصنيفات ضمن القائمات السوداء لكنها ليست كافية. وأشار محدث "الشاهد" أنه على الإدارة وأجهزة الدولة أخذ المسألة على محمل الجد وتكليف فريق كفء لقيادة المفاوضات مع الطرف الاوروبي. وكان البرلمان الأوروبي قد قرر في جلسة عامة الاربعاء 07 فيفري 2018، بتصنيف تونس ضمن القائمة السوداء لتبييض الاموال ودعم الإرهاب، وقد أثار القرار جدلا واسعا في الاوساط السياسية والرسمية، حيث عبّرت تونس عن استيائها للقرار الذي اتخذته مفوضية الاتحاد الأوروبي بإدراجها في قائمة الدول "عالية المخاطر" في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. واعتبرت في بيان لوزارة الخارجية، أن المسار الذي اتبعته المفوضية الأوروبية في اتخاذ هذا القرار كان مجحفا ومتسرعا في حقها، باعتبار أن المفوضية، في ظلّ غياب منظومة تقييم مالي خاصة بها، تبنت بصفة آلية تقريرا صادرا عن مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA/GAFI)، والحال أن بلادنا التي خضعت بصفة طوعية لمتابعة هذه المجموعة كانت قد اتفقت معها على خطة عمل، قطعت خطوات هامة في انجازها، تتضمن جملة من التعهدات تهدف إلى تطوير منظومتها التشريعية والمالية قبل موفى سنة 2018. تفاعلا مع الجدل لذي أحدثه هذا القرار، قال سفير الاتحاد الاوروبي بتونس باتريس برغاماني الخميس 8 فيفري 2018 إن هذا التصنيف "ليس بالعقوبة أو العقوبة الجديدة"، مضيفا انه من المرجّح ان يتم سحب تونس من هذه القائمة الصائفة المقبلة. وبين برغاماني، في تصريح لوسائل الإعلام بمقر المفوضية الأوروبية، نقلته وكالة تونس افريقيا للأنباء، ان البرلمان الأوروبي اعتمد في قراراته تقرير مجموعة العمل المالي، التي تعمل منذ فترة على مقاومة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، مشيرا الى أن هذه المجموعة لا تمثل الإتحاد الأوروبي فحسب بل هي ممثلة ل35 بلدا إلى جانب البلدان 15 للإتحاد الأوروبي ومن بينها الولاياتالمتحدةالامريكية والصين واليابان وكندا. واضاف السفير "أنه لا مجال لإثارة ضجة اعلامية لأن المعلومة كانت متوفرة منذ يوم 3 نوفمبر 2017، والجديد اليوم وبكل بساطة هو تصويت البرلمان الأوروبي، الذي تمسك بحسب التشريعات الأوروبية، باعتماد هذا التصنيف الجديد، على المستوى الأوروبي". ودعا السفير الاوروبي الحكومة التونسية الى المضي قدما في العمل على إقرار إصلاح هيكلي لمقاومة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.