يستمرّ توقف إنتاج الفسفاط في تونس للأسبوع الخامس على التوالي، بسبب احتجاجات، "ما تسبب في وقف كل المغاسل ووحدات التحويل بالمجمع الكيميائي بعد انتهاء المخزونات المعدة للتحويل"، بحسب ما أفاد مراد السليمي المكلف الاتصال ب"شركة فوسفاط قفصة. و أمام هذا الشلل ، تجد تونس نفسها مضطرّة إلى استيراد هذه المادّة بعد أن كانت ضمن البلدان الثالثة الأوائل في العالم المنتجة لها، وذلك لتسديد حاجيات المجمع الكيميائي بقابس بما يسمح خاصّة بتوفير مواد كيمياوية للقطاع الصناعي والأسمدة الضرورية للفلاح التونسي. وأشار حاتم الطريقي المدير المركزي للتنظيم والنظام المعلوماتي بالمجمع الكيميائي التونسي يوم الجمعة في برنامج ميدي شو على أمواج إذاعة موزاييك إلى أنّ استيراد الفسفاط كان من المحرّمات لكن اليوم تجد تونس نفسها مضطرة لذلك قائلا: "هو من العار أن نستورد الفسفاط لكن نحن مجبرون على ذلك.. وفي صورة عدم استيراد الفسفاط لابدّ من استيراد الأسمدة مباشرة". وأضاف: "لكن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وجب استيراد بعض كميات من الفسفاط لتوفير الأسمدة للفلاح التونسي- باعتبار أنّه يتزوّد من المجمع بدعم مباشر،- وكذلك للأسواق التقليدية، بالإضافة إلى توفير الحامض الفوسفوري للشركات المحلية وخاصة في قابس باعتبار أنّ بعض الشركات اضطرت لصرف العمال في إطار البطالة الفنية". وأوضح نّ شركة الفسفاط قفصة انتصبت منذ 130 سنة، فيما انتصب المجمع الكيميائي لتثمين الفسفاط وتسويقه إلى جميع أنحاء العالم منذ 70 سنة، أمّا شركة السكك الحديدة فمهمتّها تأمين نقل الفسفاط من الحوض المنجمي إلى المجمع الكيمائي بصفاقس والصخيرة وقابس والمظيلة. وقال "منذ الثورة في 2011 انخفضت الأرقام بصفة ملحوظة حيث كانت تونس تنتج 6.5 مليون طن من الفسفاط (2011)، فأصبحت تنتج 3 مليون طن في السنوات التي تلت الثورة، أي أقل من 50 بالمائة تقريبا، وقدّرت الخسائر المتراكمة منذ سنة 2012 إلى غاية سنة 2017 في المجمع الكيميائي ب 440 مليون دينار، أي ما يعادل 90 بالمائة من رأس مال للشركة، التي كانت مرابيحها تقدّر ب 451 مليون دينار (سنة 2010). ولاحظ حاتم الطريقي أنّ المجمع الكيميائي هو الحريف الوحيد لشركة فسفاط قفصة، كاشفا أنّ في ال15 سنة الذهبية -وهي أحسن فترة عاشها المجمع الكيميائي- قدّرت مرابيحها ب2300 مليون دينار، وأن 240 ألف تونسي مورد رزقهم من الفسفاط وهم مهدّدون اليوم بالبطالة. وأكّد أنّ الحلّ الجذري الوحيد يكمن في عودة إنتاج الفسفاط وتأمين النقل والتحويل. كما بيّن أنّ المداخيل من العملة الصعبة بلغت 3000 مليار من المليمات (سنة 2008) أي أكثر من عائدات جميع الوحدات السياحية في تونس. ومن نتائج توقف الإنتاج في منطقة الحوض المنجمي تضرر عدد من المؤسسات الحكومية التي تعتمد في جزء هام من أنشطتها على نقل مادة الفوسفاط إذ أكدت الشركة التونسية للسكك الحديدية عن خسارة ما لا يقل عن 250 مليون دينار تونسي منذ سنة 2011 نتيجة الاضطرابات المتكررة على نسق إنتاج الفوسفات وتواتر تعطيل إمدادات الفوسفاط بين مناطق الإنتاج ومناطق التصنيع. ويوفر المجمع الكيميائي أكثر من 4 مواد أساسية للإنتاج الزراعي، فيما يتولّى توريد بقية المواد بحسب الكميات التي يحتاجها القطاع، و بتوقف انتاجه سيستغل المحتكرون الظرف لتحويل جزء من المواد الكيميائية الزراعية نحو السوق السوداء والزيادة في الأسعار، على الرغم من تطمينات مسؤولي المجمع الكيميائي بتوفير الكميات اللازمة لسداد حاجيات السوق المحلية. وتتطلع وزارة الطاقة والمناجم التونسية لتطوير عائداتها من الفوسفاط عبر استخراجه من مواقع الإنتاج غير التقليدية، بعيدا عن المواقع التي تشهد بين فترة وأخرى توترات اجتماعية نتيجة عجزها عن استيعاب أعداد العاطلين في المنطقة. ومن المنتظر استكشاف مناجم جديدة بهدف تحقيق إنتاج سنوي لا يقل عن 10 ملايين طن في غضون سنة 2019، وهو ما سيمكن تونس من أن تنضم إلى كبار منتجي الفسفاط على المستوى العالمي. وفي هذا الشأن، أعلن هاشم الحميدي وزير الدولة المكلف بالطاقة في تونس، عن سعي الوزارة إلى رفع مستوى الإنتاج ليبلغ نحو 8 ملايين طن خلال السنة الحالية، و10 ملايين طن سنة 2019، على أمل بلوغ 15 مليون طن إنتاج سنة 2021 في حال انضمت مناجم الإنتاج الجديدة إلى قائمة مناطق إنتاج الفسفاط.