لم يتوقف الشدّ والجذب خلال الأيام القليلة الماضية حول مآل وزير الداخلية الأسبق محمد ناجم الغرسلي بعد الجدل الذي طفح على الساحة و تضارب الأنباء بشأن إيقافه إثر قرار قاضي التحقيق في المحكمة العسكرية بإصدار بطاقة إيداع بالسجن في حقه.. و قد خلق هذا الملفّ بلبلة كبيرة في صفوف التونسيين ، بالخصوص على مواقع التواصل الإجتماعي، بين أطراف مساندة للوزير الأسبق كذّبت ما يروج حول الغرسلي معتبرة اياها مجرد إشاعات الغاية منها تشويه سمعته، وأطراف أخرى داعية إلى ضرورة أن يأخذ القضاء مجراه مطالبة بمحاسبته في حال ثبوت تورطه في القضية . و وُجّهت إلى الغرسلي جملة من التهم ، لعلّ أخطرها تهمة التآمر على أمن الدّولة ، فضلا عن تهمة بتقديم خدمات لجيش أجنبي ، وهي ذات التهمة الموجهة إلى رجل الأعمال الموقوف منذ ماي السابق شفيق جراية ، والتي طالت أيضا عددا من القيادات الأمنية، التي كانت تشغل مناصب عليا في وزارة الداخلية في حكومة الحبيب الصيد. وكانت هيئة دفاع الغرسلي المتكونة من نحو 50 محاميا، قد تقدمت بطعون في حاكم التحقيق الذي نظر في ملف الغرسلي، إذ اتهم المحامي صار بوعطي القضاء بإبداء رأيه في رفع الحصانة، وذلك بهدف إرجاء جلسة محاكمة المتهم. وتم استدعاء الغرسلي شاهدا في القضية، قبل أن يتطور الملف ليتلقى الاتهام نفسه الموجه إلى رجل الأعمال شفيق جراية. وبتطور أحداث التحقيق في القضية، طالبت المحكمة العسكرية الدائمة في تونس العاصمة برفع الحصانة القضائية عن الغرسلي، باعتباره منتميا لسلك القضاة. لكن في المقابل، قدم المتحدث باسم هيئة الدفاع عن الغرسلي، طعنا لدى المحكمة الإدارية ، لإبطال قرار رفع الحصانة عن موكله، الذي تغيب عن جلسة سابقة لأسباب صحية. وأوضح بوعطي أن الهيئة أودعت قضية بالمحكمة الإدارية لإيقاف تنفيذ قرار المجلس الأعلى للقضاء برفع الحصانة عن الغرسلي. وكان المدير السابق للمصالح المختصة بوزارة الداخلية عماد عاشور ، قد أوضح خلال مجريات التحقيق أن الغرسلي وافق على الالتقاء بالمتهم شفيق جراية، الموقوف في قضية تآمر على أمن الدولة داخل مكتبه بالقرجاني ، بهدف التنسيق معه في ملف يتعلق بإرهابيين تونسيين في ليبيا، وكان ذلك بعلم عبد الرحمان الحاج علي، المدير العام السابق للأمن التونسي، وعلم الحبيب الصيد رئيس الحكومة السابق، الذي لم يمانع في التعامل مع رجل الأعمال المتهم إن كان ذلك يصب في المصلحة الوطنية. وأشارت مصادر قضائية مطلعة إلى ارتباط المشبوهين في هذه القضية، وعلى رأسهم شفيق جراية، بجهات ليبية إرهابية كانت تخطط لشن عمليات إرهابية في تونس. يذكر أن القضاء العسكري كان قد أذن بفتح تحرّ ضد رجل الأعمال، شفيق جراية، وكل من يمكن أن يكشف عنه البحث، بدعوى "الاعتداء على أمن الدولة الخارجي والخيانة والمشاركة في ذلك، ووضع النفس تحت تصرف جيش أجنبي زمن السلم"، إثر توصل النيابة العسكرية بشبهات حول انخراطه في ارتكاب أفعال من شأنها المساس بأمن الدولة.