تعيش الساحة السياسية اليوم، نسقا متسارعا من الأحداث، على مستوى ما يطوّق الحكومة طاقمًا ومردوديّةً، إذ في حين تضافر الحكومة الجهود للعمل على قدم وساق لإنقاذ البلاد من شفر الهاوية في ظل الظروف الاقتصادية والمالية والاجتماعية المتأزمة، بدأت المركزية النقابية التي أبدت تقاربها مع الطرف الحكومي لما يناهز السنة بدأت تحيد عن السطر وتطالب بتحوير وزاري، في سابقة اعتبرها الطرف الحكومي تجاوزا لصلاحيات المنظمة الشغيلة في مرحلة جد حساسة تمر بها البلاد على جل الأصعدة . وفي مسعى للسيطرة على الاوضاع السياسية الفالتة وتطويقها، يكثف رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لقاءاته بعدد من الأطراف السياسية والفاعلة بالبلاد من أجل تهدئة الأزمة السياسية والاجتماعية التي تعمقت . و استقبل السبسي الاثنين رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، حيث استعرض اللقاء وقال زعيم الحركة الأوضاع الراهنة بالبلاد وخاصة المشاكل المتعلقة بمسار الانتقال الديمقراطي والتجاذبات التي شهدها مجلس نواب الشعب مؤخرا حول مسألة التصويت على التمديد في هيئة الحقيقة والكرامة من عدمه ، بعد أن شهد البرلمان تجاذبات وتبادلا للتهم والشتائم بين نواب المجلس. وفي تعليقه على ذلك، استنكر الغنوشي ما وصفه ب"الخطابات المتشنجة التي بلغت حد النيل من مقام رئيس الجمهورية"، مؤكدّا ضرورة التهدئة ومواصلة سياسة الحوار دون إقصاء للتوصل إلى توافق كفيل بتجاوز الصعوبات القائمة. من جانب آخر، وأمام تشبث الطبوبي برفض الإصلاحات الحكومية، استقبل السبسي الاثنين الأمين العام السابق للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي. وعقب اللقاء قال حسين العبّاسي إن اللقاء مع رئيس الدولة استعرض الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الدقيقة التي تمر بها البلاد وضرورة الإسراع بمعالجتها. وأكد العبّاسي ضرورة تغليب صوت العقل لحل الإشكاليات القائمة، مشددا على "الإرادة القوية لرئيس الجمهورية لحشد جميع المجهودات لتجاوز الصعوبات الراهنة". يذكر ان الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي، كان قد عاد الأحد لمهاجمة الحكومة ورئيسها يوسف الشاهد. وتحول اتحاد الشغل إلى معارض للشاهد حيث يدعو إلى ضرورة إقالته نظير تمسكه بالاصلاحات الاقتصادية. وقال إن معركة الاتحاد هي معركة اجتماعية ضد قرارات الحكومة وضد ما وصفه ب"سياسة الهروب إلى الأمام" التي تعتمدها، معتبرا أن الخطر الكبير يكمن في إقدام رئيس الحكومة على نسف أسس العقد الاجتماعي من خلال عدم تفعيل المجلس الوطني للحوار الاجتماعي، وانتهاج سياسة المرور بقوة. وجدد الطبوبي التأكيد على وقوف الاتحاد ضد التفريط بالبيع للمؤسسات العمومية، داعيا إلى الجلوس إلى طاولة الحوار لإيجاد الحلول المناسبة. وجاءت تصريحات الطبوبي أياما عقب إعلان الشاهد تمسكه بتمرير الإصلاحات الاقتصادية التي من أبرزها بيع المؤسسات الحكومية كحل لتمويل الخزينة العاجزة، حتى وإن اقتضى الأمر إقالته. وقال الشاهد الجمعة في كلمة أمام البرلمان إن عجز الشركات العامة بلغ 2.72 مليار دولار، مضيفا أن الدولة لا تعتزم بيع الشركات العاملة في قطاعات حيوية مثل الكهرباء والغاز وتوزيع المياه.