ما فتئت الحوادث المرورية في تونس تتواتر خلال السنوات الأخيرة بشكل جدّ ملفت لتبلغ أرقاما خيالية محطمة أرقاما قياسية على النطاق العالمي ، و رغم توجّه الدولة إلى اعتماد اجراءات جديدة على غرار إلزامية حزام الأمان بالنسبة للسائق و مرافقه الذي يحاذيه ، و تكثيف مخففات السرعة في عديد المناطق ، إلا أن عدد الحوادث لا يزال جدّ مرتفع في تونس .. و لعلّ الحادث المريع الذي شهدته البلاد أمس السبت قد أعاد موضوع الأرقام الخيالية لحوادث الطرقات في تونس الى الواجهة. و قد سقط أربعة قتلى بينهم ملازمان في الحرس الوطني التونسي، و19 إصابة بينها ثلاثة أعوان من الدفاع المدني، في حادث مرور مروع سجل صباح السبت في الطريق الرئيس بين تونس العاصمة وصفاقس. وأكد الناطق باسم وزارة الداخلية العميد خليفة الشيباني، أنّ اصطدامات وقعت بين 25 سيارة وشاحنة بالطريق السيارة على مستوى محول كركر من ولاية المهدية بسبب الضباب الكثيف، ما أدى إلى وقوع وفيات وإصابات. وبيّن الشيباني أن الحادث أسفر عن أربعة قتلى، بينهم ضابطان كانا في مهمة على متن سيارة للحرس الوطني ومواطن ومواطنة، إلى جانب 19 مصاباً من بينهم 3 أعوان من الدفاع المدني انتقلوا إلى عين المكان لإسعاف المصابين، لكنهم اصطدموا بالسيارات نتيجة كثافة الضباب. وأضاف أنّ وحدات من الدفاع المدني والحرس والصحة أمنت نقل المصابين إلى المستشفيات منها المهدية والجم وبومرداس والمنستير، مشيرا إلى أن حركة المرور من تونس باتجاه سوسة نحو مكان الحادث عادية، ولكن المرور لم تستأنف حركته في كركر. وفي هذا الإطار، طالبت الجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات بإنفاذ القانون والتعامل بأكثر صرامة وحزم تجاه ظاهرة استهتار سواق الشاحنات الثقيلة وعدم التزامهم بقواعد السياقة الآمنة والحذرة واحترام مجلة الطرقات، وتسبّبهم في عدد من الحوادث التي جدّت مؤخّرا. ودعت، في بيان مساء السبت 21 أفريل 2018 ، على إثر الحادث الذي جدّ على مستوى منطقة كركر، مستعملي الطريق إلى ملازمة الحذر والتقيّد بالسرعة المحددة والأخذ بعين الاعتبار مفاجآت الطريق واحترام إشارات المرور وعلامات الطريق . طدير بالذكر أن عدد قتلى حوادث المرور في تونس ارتفع خلال شهر مارس 2018 مقارنة بالشهر نفسه من السنة الماضية، في وقت سجل عدد الحوادث تراجعا ملحوظا خلال الثلاثية الأولى من العام الجاري. ووفق أرقام رسمية، سجلت تونس خلال شهر مارس 2018، 364 حادث مرور نتج عنهم 87 قتيلا و566 جريحا، بينما سجلت نفس الفترة خلال العام الماضي، 663 حادث مرور، نتج عنهم 85 قتيلا و1026 جريحا. وفي الثلاثية الأولى من هذا العام، سجلت الجهات الرسمية 1312 حادث مرور و269 قتيلا و1989 جريحا، بينما سجلت في نفس الفترة من العام الماضي 1845 حادثا انجر عنهم 298 قتيلا و2671 جريحا. وفي تعليقه على هذه الأرقام، قال عفيف الفريقي رئيس الجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات: "الملاحظ أن عدد الحوادث والقتلى قد انخفض خلال الثلاثية الأولى من هذا العام مقارنة بنفس الفترة العام الماضي، ولكن هذا الانخفاض لم يكن متكافئا إذا ما قارنّا عدد الحوادث بعدد القتلى". وأضاف الفريقي: "صحيح أن هناك انخفاضا في عدد الحوادث، لكن الأرقام الجديدة تكشف عن ازدياد كبير في خطورتها، فعدد القتلى يعتبر مرتفعا مقارنة بعدد الحوادث التي أوقعت وفيات بالجملة". وتابع "عدد القتلى لشهر مارس من هذا العام (87 قتيل) مرشّح للارتفاع بسبب عدد المصابين والجرحى الذين يخضعون لمتابعة صحية ومنهم من يرقد في العناية المركزة لحالتهم الصحية الحرجة، وانطلاقا من المعايير المعتمدة، في احتساب وفيات حوادث المرور، يجب انتظار شهر بعد تاريخ الحادث لتسجيل الوفيات". وأردف "إذا ما توفي المصاب بعد شهر من وقوع الحادث فلا يمكن اعتبار وفاته بسبب حادث مرور حتى وإن كانت الوفاة نتيجة تعكر حالته الصحية أو بسبب الصدمة أو غيرها من انعكاسات حوادث المرور". وعن أسباب ذلك، أكد رئيس الجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات أن عدم التزام السائقين والركاب بربط حزام الأمان واستخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة والسرعة المفرطة وخاصة السياقة في حالة سكر، ساهموا بدرجة كبيرة في ارتفاع عدد القتلى مقارنة بعدد حوادث المرور. وأشار الفريقي إلى أن الجمعية ستواصل حملاتها التحسيسية لمستخدمي الطريق في كامل أنحاء البلاد، قصد توعيتهم بمخاطر حوادث المرور والسبل الكفيلة لسلامتهم.