تحولت جزيرة قرقنة ، الجزيرة التي كانت يُشهد لها بتاريخها النضالي و بجمالها الخلاّب ، إلى منصة رئيسية لدى المهربين لانطلاق قوارب المهاجرين الغير الشرعيين أو ما اصطلح على تسميته "بأقارب الموت" باتجاه السواحل الإيطالية بحثا عن "الأمل الضائع" . غير أنّ هذا الأمل المنشود عادة ما يعترضُ طريقه عائق يُسمّى "الموتُ غرقًا" نظرا لحصيلة الجثث التي تخلّفها هذه الرحلات الخطيرة و التي تنتهي في العادة بنهايات مأساوية على غرار ما حصل اليوم ، حيث تم انتشال 35 جثة وإنقاذ 68 شخصا من بينهم 7 أجانب (2 من ساحل العاج و2 من الكامرون و2 من المغرب)، حسب حصيلة محيّنة لوزارة الدفاع الوطني، على إثر غرق مركب صيد في عرض سواحل قرقنة. و أفاد مصدر إعلامي من وزارة الدفاع في وقت سابق أن سبب غرق المركب الذي كان على متنه ما لايقل عن 180 شخصا من بينهم 80 من أصول إفريقية قبالة الساحل الغربي لجزيرة قرقنة شمال شرق مليتة، يتمثل في تسرب المياه على متنه. ويتوافد منذ صباح اليوم على قسم الطب الشرعي بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس، العديد من أفراد عائلات ضحايا حاثة غرق المركب للتأكد إذا كان أبناؤهم من الناجين أو من المفقودين، حسب ما أكدته مراسلة "وات" بصفاقس. وقد تمكنّت الوحدات البحرية العائمة التابعة للحرس الوطني ووحدات جيش البحر، على الساعة 22.45 دقيقة من مساء السبت، من إنقاذ 67 شخصا من بينهم تونسيون وأجانب، وانتشال 11 جثة في حصيلة أولية وفق بلاغ لوزارة الداخلية وذلك بناء على طلب استغاثة الإبلاغ عن وجود مركب على متنه مجموعة من المجتازين بصدد الغرق. كما تحوّلت الوحدات المذكورة إلى مكان المركب الذي تبين أنه على بعد حوالي 5 أميال بحرية عن جزيرة قرقنة و16 ميلا بحريا عن سواحل مدينة صفاقس. وتتواصل عمليات البحث من قبل الحرس الوطني وجيش البحر، بمشاركة طائرة عسكرية وعدد من الغواصين التابعين للجيش الوطني والحماية المدنية. ووفق أرقام أصدرتها وزارة الخارجية ، فإن "22 ألف شاب تونسي هاجروا بطريقة سرية عام 2011، نحو السواحل الإيطالية، فُقد منهم 504 شخصاً لا يزال مصيرهم مجهولاً حتى اليوم . كما أظهرت دراسة أنجزها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية (تابع للرئاسة التونسية) مؤخراً، أن السلطات التونسية تمكنت من إيقاف حوالي 20 ألف مهاجر غير شرعي خلال 7 سنوات. وتزايدت معدلات الهجرة غير الشرعية عبر تونس، منذ ثورة جانفي 2011، مستغلة الغياب الأمني آنذاك، لكنها سرعان ما تراجعت بعد تشديد السلطات الخناق على منظمي هذه الهجرة غير القانونية. وكثيراً ما يحاول العاطلون في تونس ودول إفريقية أخرى السفر على زوارق تقلهم من تونس إلى صقلية في إيطاليا. وجزيرة قرقنة هي عبارة عن أرخبيل يتكون من مجموعة من الجزر تقع على سواحل شرق تونس، وتبعد مسافة اثنين وثلاثين كيلومتراً عن سواحل مدينة صفاقس، وتبلغ مساحة الأرخبيل مئة وخمسون كيلومتراً مربعاً، ولا يتجاوز عرض الأرخبيل خمسة كيلومتر، وهناك جزيرتان مأهولاتان بالسكان. وتعتبر من الجزر التاريخية نظراً لإطلالتها وموقعها على البحر الأبيض المتوسط، وأول من سكنها هم الفينيقيون، وفي عام 217 قبل الميلاد احتلها الرومان، مع الفتوحات الإسلامية هاجر إليها الفاطميون، وحكمها حاكم صفاقس البرغواطي حتى عام 1090م.