مع بدء العد التنازلي لاستئناف مشاورات وثيقة قرطاج2 التي تتضمن مخطط عمل الحكومة للمرحلة القادمة والتي أعلن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي مطلع الشهر الجاري عن تعليق العمل بها بسبب اختلاف مواقف المشاركين في المفاوضات حول النقطة 64 منها المتعلقة بطاقم الحكومة، يعود إلى الواجهة الجدل بشأن مآل حكومة يوسف الشاهد، وما إذا كانت ستشهد تحويرا وزاريا جزئيا أو شاملا. ومع تواصل انسداد الوضع السياسي بالبلاد في هذه المرحلة الحساسة، يرى مراقبون أن تعنت المنظمات والأحزاب الرافضة لبقاء حكومة الشاهد من جهة، وإصرار رئيس الحكومة بدعم عدد من الأطراف الأخرى على مواصلة تجربة الحكم من جهة ثانية قد زادا في تعقيد الأزمة السياسية بالبلاد قبل نحو عام على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية. وقد ضاعفت قيادة اتحاد الشغل من تصعيد خطابها الرافض ليوسف الشاهد خصوصا عقب ما تداولته وسائل الإعلام المحلية مؤخرا من أن الأمين العام للمنظمة العمالية نور الدين الطبوبي رفض لقاء رئيس الحكومة. و في خضم هذا الشأن، قال الأمين العام المساعد باتحاد الشغل محمد علي البوغديدي إن "مواقف الاتحاد الرافضة لبقاء الشاهد وحكومته ثابتة ولا تتغير"، نافيا في المقابل علمه بوضع المنظمة العمالية أو أمينها العام خطا أحمر جديدا يتعلق برفض الاجتماع مع الشاهد على طاولة واحدة. جدير بالذكر أن المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل أصدر مؤخرا بيانا أكد فيه أن "الواجب الوطني يستدعي الإسراع باتّخاذ القرار السياسي الجذري بتغيير الحكومة وتكليف رئيس جديد لها لإنقاذ وطننا العزيز" واعتبر أنه على المؤسّسات الدستورية والأحزاب السياسية وخاصّة منها الممثلة في مجلس نوّاب الشعب ان "تتحمل مسؤوليتها التاريخية حتّى ينصرف الجميع إلى البناء والعمل" و أكد أنّ الأزمة قد طالت كثيرا وأنه حذّر من استمرارها وأنذر الجميع بمآلاتها الكارثية على البلاد "وهو يدعو اليوم قبل الغد إلى الإسراع باتخاذ القرار الوطني الصّائب بعيدا عن الحسابات الفئوية التي طبعت المشهد السياسي خاصة في الفترة الأخيرة، وذلك عبر تغيير الحكومة بالأشكال الدستورية المتاحة والقرارات السياسية الجريئة واختيار رئيسحكومة جديد يَدعى إلى تشكيل فريق عمل حكومي كفء" و اشار الى ان هذا القرار كفيل بتجاوز " الواقع المتردّي بغاية توفير الشروط الضرورية للنجاح التي تقوم أساسا على الكفاءةوالانسجام ووضوح الرؤيا ونكران الذات والاستعداد الدّائم لخدمة الوطن والحفاظ على مكاسبه وتطويرها حسب برنامج إصلاحيتشاركي، بعيدا عن حسابات الموقع والغنيمة، ومن أجل خفض منسوب التوتّر القائم ولإشاعة قدر من الطمأنينة وإرساء علاقات التزام واحترام بين الشركاء الاجتماعيين بغاية معالجة كلّ الملفّات العالقة في انتظار رسم خيارات اقتصادية واجتماعية جديدة تنهي حالة الإقصاء والتهميش والتفقير وتحارب الفساد والارهاب" وكان الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي قد أجرى سلسلة من المشاورات واللقاءات الماراطونية مع الفاعلين السياسيين من رؤساء أحزاب ورؤساء منظمات وهياكل وطنية الأسبوع الفارط. وحسب ما جاء في الصفحة الرسمية للاتحاد العام التونسي للشغل فقد التقى الطبوبي الأسبوع الفارط رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب و وفدا عن الجبهة الشعبية يتقدمه الناطق باسمها حمة الهمامي و وفدا عن حركة مشروع تونس بحضور الأمين العام محسن مرزوق، وكذلك وفدا عن التيار الديمقراطي تقدمه الأمين العام غازي الشواشي. ولئن اختصرت بلاغات اتحاد الشغل مضمون هذه اللقاءات الماراطونية في تباحث الوضع العام بالبلاد، بيد أن جل متابعي الشأن السياسي يرون أن هذه الاجتماعات تصب في إناء مآل حكومة يوسف الشاهد لاسيما وأن القوى السياسية تتأهب لاستئناف المشاورات حول وثيقة قرطاج2.