جدل واسع وردود أفعال متباينة تصدرت الواجهة خلال الأيام القليلة الماضية منذ إعلان كل من ممثلي حزب حركة النهضة وممثلي ائتلاف الجبهة الشعبية ببلدية العروسة من ولاية سليانة تحالفهما فيما يتعلق بتركيبة المجلس البلدي ، وذلك في بيان توافقي مشترك صادر عنهما. وقد فجر هذا التوافق الذي وصف ب"المفاجئ" ، ضجة واسعة لاسيما وأن الائتلاف اليساري ما انفك يعلن سرا وظاهرا للتحالف مع النهضة، وهو ما دعاها إلى الإسراع في إعلان رفضها مسألة توافق ممثليها في بلدية العروسة مع ممثلي الجبهة. و أصدر مجلسها المركزي بياناً أكد فيه أن الاتفاق الحاصل بين أعضاء القائمتين حول توزيع المسؤوليات في المجلس البلدي بالعروسة "هو موقف أحادي تمّ من دون التشاور مع الهيئات القيادية للجبهة في أي مستوى كان"، مشيراً إلى أن هذا الموقف "لا يلزم الجبهة الشعبية" وبيّن المجلس أنه سبق أن أصدر بياناً بتاريخ 11 ماي الماضي، أكد فيه أن الجبهة الشعبية لن تتحالف مع حركة "النهضة" ولا مع حركة "نداء تونس" في تشكيل المجالس البلدية، نظرا لما وصلت إليه البلاد من تدهور إقتصادي واجتماعي وسياسي. و طالبت القيادية في الجبهة الشعبية القاضية كلثوم كنو حل تنسيقيتها في العروسة . وقالت كنو في تدوينة لها على صفحتها الرسمية على الفايسبوك "اقل شيء يمكن ان تقوم به الجبهة حتى لا تخسر أكثر فأكثر مصداقيتها لدى التونسيين حل تنسيقية العروسة". في المقابل، قال الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري، إنّ "دخول الحركة في مسار من التوافقات مع بقية الأحزاب والقائمات الممثلة في المجالس البلدية المنتخبة كان على قاعدة البحث عمّا من شأنه خدمة المواطنين في كل جهة". وأشار الخميري إلى أنّ الاتّفاق بين قائمتي حركة النهضة والجبهة الشعبية حول توزيع المسؤوليات في المجلس البلدي بالعروسة التابعة لولاية سليانة "كان من منطلق الكفاءة والبحث عن الاستقرار في الجهة بعيدا عن التجاذبات السياسية"، وإلى أنه "من حق الجبهة التعليق على هذا الاتفاق كما تشاء". وأضاف أنّ النهضة تدرس تحالفات مع بقية الأحزاب والمستقلين بكافّة البلديات الممثّلة فيها لتوزيع المهام والمسؤوليات داخلها على قاعدة التوافق وخدمة مصالح الأهالي، لافتا إلى أن "تركيبة التوافق تختلف حسب كل منطقة". من جهتها، أكدت هزار الوسلاتي رئيسة قائمة بلدية العروسة عن حركة النهضة في تصريح ل"الشاهد" أن التوافق بين القائمات جاء على أساس المصلحة العامة ، قائلة " نحن قبل ان نكون متنافسين في الدائرة البلدية جيران و أهل و زملاء و ما جمعنا هو مصلحة تونس و مصلحة الجهة . و أوضحت ان الاتفاق لا يخص النهضة و الجبهة الشعبية فحسب و إنّما يشمل بقية الأطراف التي تبحث عن المصلحة الوطنية ، و قالت هزار الوسلاتي مُوضّحة " أيادينا مفتوحة لكل الأطراف على اختلافهم سواء كانوا منتمين لأحزاب أو مستقلين." و في تعليقها على تبرّأ المجلس المركزي للجبهة الشعبية من هذا التوافق ، قالت هزار " السجن الايديلوجي لا يخصّنا هذا شأن محلي و بعيد كلّ البعد عن كلّ ما هو تنافر و تجاذب سياسي." و أكدت مُحدثتنا ان حركة النهضة أعطت الضوء الأخضر لاعضاء قائماتها لاختيار السياسيات الملائمة لتسيير المجالس البلدية سواء عبر التوافق او غيره ، مشيرة الى ان الحركة و على عكس الجبهة الشعبية لم تعارض البيان التوافقي. بدوره، أكدّ كاتب عام حركة "النهضة" بالعروسة، وأحد الموقعين على الاتفاق، يوسف الوسلاتي، في تصريح ل"العربي الجديد"، أن التوافق "هو نتاج طبيعي للعلاقات الجيدة التي تجمع بين النهضة والجبهة في منطقة العروسة"، متحدثاً عن وجود تنسيق في مجالس التنمية التي كان يحضرها الحزبان في الولاية، ونافياً وجود أي نوع من العداء والكراهية بين الطرفين. وفي هذا الصدد، لفت الوسلاتي إلى أن التوتر الموجود بين الحزبين على المستوى المركزي غير موجود في منطقتهم، لأن الطرفين "يلتقيان في نفس الفضاءات، وبالتالي يشتركان في الفرح والحزن"، مبينا أن التوافق كان نتيجة طبيعية للعلاقات الوطيدة التي تجمعهم، ومتسائلا "هل يريدون منا التناحر والتخاصم لكي يشعروا بالسعادة"؟ وأشار الى أن بيان "الجبهة" لن يؤثر في اتفاق العروسة، لأن "المهم هي الجهة الموقعة معنا، وليس ما تفكر فيه الإدارة المركزية". وأكد الوسلاتي أن التوزيع الذي قاموا به في بلدية العروسة احترم القانون الانتخابي، فقد اعتمد على الكفاءة في توزيع المسؤوليات واختيار اللجان، مؤكداً "الانفتاح على الجميع، لأنه لا تزال هناك لجان أخرى"، وأن الهدف من التنسيق "هو مصلحة منطقة العروسة وخدمة المواطن"، آملاً أن تسير بقية البلديات على منوال التوافق ذاته. وأشار إلى أنه رغم الرفض الحاصل من بعض الأطراف السياسية لهذا التوافق لن يشوش على الاتفاق وعلى اختيارهم، لتمسكهم واقتناعهم به. يذكر أن ممثلي قائمتي "النهضة" و"الجبهة الشعبية" الفائزين في الانتخابات البلدية الأخيرة ببلدية العروسة، مسقط رأس زعيم " الشعبية" حمة الهمامي، كانوا قد أصدروا بياناً توافقيا أعلنوا فيه عن تحالفهم لإدارة المجلس البلدي بالجهة. وذكر البيان التوافقي أنه "بعد صدور النتائج النهائية للانتخابات البلدية، فإن الفائزين بمقاعد المجلس البلدي بالعروسة عن قائمتي النهضة والشعبية قرروا التوافق في ما بينهم في توزيع المهام، لتوفير كامل ظروف النجاح للمجلس البلدي، خدمة لمصلحة الجهة".