جدلٌ وضجّة واسعان تصدّرا الواجهة، خلال اليومين الأخيرين، عقب تداول تقرير تلفزي عن مزاعم مواطنة جزائرية حول "سرقة" إحدى كليتيها في إحدى المصحات الطبية الخاصة بتونس أثناء خضوعها للعلاج بها في الآونة الأخيرة، للإتّجار بها، في اتّهام صريح للمصحّة. و ادّعت المواطنة الجزائرية أنّ الطبيب المشرف على حالتها رفض تمكينها من ملفها الطبي، مفيدة بأنها تعاني من تكيس وحصى على مستوى الكلية، مما اضطرها إلى معايدة الطبيب الذي أجرى لها عملية جراحية، وأعلمها فيما بعد بأن وضعيتها الصحية مستقرة وأنه لم يستأصل كليتها. وتابعت المريضة القول:" بمجرد عودتي إلى الجزائر تعكرت وضعيتي الصحية وانتفخ جسدي فزرت طبيب ليُعلمني بأنه تم استئصال كليتي والثانية متورمة". التقرير المتلفز الذي قصت فيه المواطنة الجزائرية حادثتها أثار جدلا واسعا على الجانبين التونسيوالجزائري واختلفت وجهات النظر حول المسأبة، لتنقسم الساحة إلى مدافعين ان المواطنة الجزائرية ومشككين في الطب في تونس وآخرين متهمين المرأة باختلاق مزاعم حول عدم علمها باستئصال كليتها لاسيما وأنها جاءت عقب سلسلة من الممارسات المغرضة الساعية إلى تشويه العلاقات التونسيةالجزائرية الأخوية والوطيدة منذ عقود. وفي تعقيبه على ذلك، أكد رئيس المجلس الوطني لعمادة الأطباء منير يوسف مقني أنه بمجرد ورود معلومات على المجلس بخصوص قضية المواطنة الجزائرية تم التحري في المسألة ليتبين أن الطاقم الطبي الذي أشرف على إجراء العملية اضطر إلى إستئصال الكلية نتيجة تكيسها ووجود حصى فيها، نافيا أن تكون هناك عملية سرقة ومتاجرة. وأكد مقني، أن المجلس الوطني لعمادة الأطباء فتح تحقيقا في الغرض، سيتم الكشف عن نتائجه في الأيام القليلة القادمة. كما نوه مقني بأن الأطباء التونسيين يحضون بثقة تامة من قبل الأشقاء الجزائريين الذين يفدون بمئات الآلاف سنويا على المستشفيات الخاصة والعمومية في تونس. وأكد أن "توافد الأشقاء الجزائريين بكثافة وبصفة مستمر يعكس ثقتهم في الأطباء التونسيين والعلاقة المتينة التي تربطهم بأطبائهم الذي يتابعون حالاتهم الصحية بصفة دورية". كما لفت إلى أن أبواب وزارة الصحة وعمادة الأطباء مفتوحة على مصراعيها لتقبل شكاوي الأخوة الجزائريين والتحقيق في جميع القضايا التي ترد عليها. ولم يستبعد المقني فرضية وجود عدد من الدول التي تسعى إلى ضرب العلاقات التونسيةالجزائرية، وتشويه صورة الأطباء من أجل استقطاب الجزائريين الذين يفدون على المستشفيات التونسية بأعداد غفيرة. ومن جانبه، أكد مدير التفقدية الطبية والموازية للطبية بوزارة الصحة طه زين العابدين، أنه من غير المعقول الحديث عن سرقة في هذه الحالة لأن عملية الإستئصال تتطلب أن يكون العضو في حالة صحية جيدة، في حين أن التقرير الطبي يثبت أن المواطنة الجزائرية تعاني من تكيس ووجود حصى في احدى الكليتين. وأضاف طه زين العابدين أنه من غير المعقول أن يتم استئصال كلية مريض مصاب بمرض الكلى، مشددا على أنه لا يمكن زراعة الكلى إلا في المستشفيات العمومية دون غيرها، وفيها ترتيبات إدارية وقانونية مشددة، الشيء الذي يُحول دون إمكانية الاتجار بهذه الأعضاء. وشدد زين العابدين أنه "لم ترد علينا شكوى من المواطنة الجزائرية، داعيا إياها إلى التقدم بشكوى لوزارة الصحة وتقديم ملفها للبحث في المسألة وفتح تحقيق عاجل في الغرض إن تطلب ذلك وإن وجد أدنى الشك". وقال: "لو تقبلنا شكوى من هذا القبيل فإننا لن نبقى مكتوفي الأيدي، وسنتحرك للبحث في القضية في وقت قياسي إن ثبتت هذه الادعاءات... من غير المعقول توجيه مثل هذه الاتهامات والتشهير بالأطباء التونسيين". وأضاف أن تونس من أفضل الدول في شمال إفريقية في ما يخص عمليات زراعة الكلى، وتجري أعدادا كبيرة منها سنويا وجميعها ناجحة، مشيرا إلى أن الأطباء التونسيين معروفون بنزاهتهم وحرفيتهم في هذا المجال مما جعل تونس تشتهر في مجال زراعة الأعضاء وتستقطب الآلاف المرضى من مختلف الدول العربية والافريقية.