شهد المسرح الروماني بقرطاج عرض "الحضرة 3" للموسيقى الصوفية الشعبية ممزوجة هذه المرة بموسيقى الروك، وسط إقبال جماهيري كبير. وتمتزج في عرض الحضرة الأغاني والأناشيد الصوفية بمقطوعات موسيقية غربية. ويأتي العرض في إطار مهرجان قرطاج الدولي لدورته ال54 للمخرج المسرحي الفاضل الجزيري. ونجح العرض في استقطاب الآلاف ممن تابعوا باهتمام كبير مجموعة من اللوحات الموسيقية قام بأدائها أكثر من 100 مشارك، قدموا 25 قطعة وردت بشكل انفرادي وثنائي وجماعي. وأدخل الفاضل الجزيري على عرض "الحضرة" لهذا العام عددا من الآلات الإيقاعية والنفخ والوترية، على غرار الباتري والساكسوفون والبيانو والقيثارة، لتضاف إلى البندير والناي والزكرة (آلة نفخ تونسية). وقال الجزيري إن عرض الحضرة يتطور من سنة إلى أخرى، من خلال إدخال آلات موسيقية جديدة بطريقة خفيفة، ضمانا لعدم خلق قطيعة بين الموسيقى الصوفية والموسيقى الغربية لدى المتفرج". ولفت إلى أن "الجانب المسرحي لهذا العمل ظهر من خلال الحركات الراقصة واللوحات الكوريغرافية التي قدمها المشاركون في العرض". من جانبها اعتبرت آمنة الجزيري -التي أدت بصفة منفردة أغنية "الليل زاهي" بطريقة مخالفة للمعهود- أنها تجسد أيضا "المرأة المعاصرة". وأضافت أن وجودها في الحضرة يُعد تجربة مهمة في مسيرتها الفنية وتطورا من عرض إلى آخر، خصوصا أنها المرأة الوحيدة التي انضمت إلى الحضرة منذ 2005. وأعربت عن سعادتها بما لاقاه العرض من إعجاب لدى متابعيه. وقدم الجزيري أثناء العرض معزوفات مثل "يا فارس بغداد" للولي الصالح "سيدي عبد القادر الجيلاني" و"يا محمد يا جد الحسنين"، وسط التصفيق والزغاريد. وتخلّل مختلف هذه الأغاني الصوفية لوحات تعبيرية راقصة وصلت حدّ الانتشاء والتخميرة في بعض الأحيان، وفي ذلك إبرازٌ للاعتقاد السائد لدى المتصوفة بتطهير الروح وتحريرها من سلطة الجسد. وبدا إيقاع الحضرة احتفاليٌّ في ظاهره، لكنه يحمل وجعا وهموما تسكن الإنسان، فتجعله يهرب من واقع قاسٍ ومرير للاختلاء بالنفس رغبة في التخلّص من الجسد وقتله وتحرير الروح منه، لإيمان المتصوفة أن كيان الإنسان يتحقق عندما تلتحم الروح بالذات الإلهية. لبّى الفاضل الجزيري في عمله الحضرة 3 شروط العرض الصوفي من إيقاعات موسيقية ولوحات تعبيرية راقصة وملابس وغيرها من متممات العرض الصوفي كالسناجق. واستطاع أن يشدّ إليه جمهورا غفيرا أقبل باكرا على مدارج المسرح الروماني بقرطاج لتعطّشه لمثل هذا النمط الموسيقي الذي ظلّ تقديمه حكرا على المناسبات الدينية لا سيّما في شهر رمضان المعظم. " وحضر هذا الحفل رئيس الحكومة يوسف الشاهد رفقة وزير الثقافة محمد زين العابدين وقد لقيا ترحابا كبيرا من الجمهور