ما زال إعلان الكيان الصهيوني توقيع تل أبيب اتفاقا لمد خط غاز يربطها بأوروبا وبتمويل من إمارة أبو ظبي يثير الكثير من الجدل في ظلّ تخوفات من عديد الدول من تأثيرات محتملة على تصدير الغاز من قبل بعض الدول إلى أوروبا. وتتمركز هذه التخوفات بالأساس في قطر وخاصة الجزائر حيث أنّ هذا المشروع قد يعتبر تهديدا حقيقيا لصادرات الغاز الجزائري الذي تمثّل أوروبا احد أسواقه الأساسية وقد ينعكس هذا التأثير حتى على تونس التي تؤمّن جزءا من تصدير الغاز الجزائري عبر أراضيها إلى أوروبا. وفي هذا الخصوص، قال الخبير في الطاقة غازي بن جميع في تصريح ل”الشاهد” إن المشروع قد يؤثّر سلبيا على تونس خاصة إذا تراجعت دول أوروبية مثل إيطاليا وفرنسا عن استيراد الغاز الجزائري مؤكّدا أنّ الجزائر هي المتضرر الاوّل من هذا المشروع. من جهته، قال الخبير الاقتصادي الجزائري عبد الوهاب بوكروح ل”القدس العربي” إنّ هدف هذا القرار “منافسة الغاز القطري والغاز الروسي والغاز الجزائري، لأنه موجه إلى دول شرق أوروبا، ودول البلقان”، موضحا في المشروع من الناحية الاستراتيجية “خطرا على الجزائر على المدى البعيد، باعتبار أنه بمجرد دخول الغاز الجزائري في قادم السنوات للسوق الاوروبية سيجد نفسه داخل شبكة تزود نصف مليار مستهلك بالغاز، مما سيؤدي إلى انكماش حصة الجزائر ويؤثّر على مداخيلها من صادرات الغاز، علما أنها استثمرت مبالغ ضخمة في إنجاز ثلاثة أنابيب غاز نحو أوروبا، اثنان يمران عبر تونس وواحد عبر المغرب”. من جهة اعتبر مراقبون دوليون أن تمويل أبو ظبي هذا المشروع يستهدف بالدرجة الأولى قطر، التي تعتبر لاعبا عالميا كبيرا في سوق الغاز، ومصدّرا رئيسيا له. وحسب أرقام لوزارة الطاقة، فإنّ منشآت نقل الغاز الجزائري إلى إيطاليا في تونس تمتد على نحو 400 كيلومتر انطلاقا من الحدود التونسيةالجزائرية، حتى مدينة الهوارية في الوطن القبلي -أقرب نقطة حدودية إلى إيطاليا- لتتواصل عبر البحر الأبيض المتوسط وصولا إلى إيطاليا. ومنذ ستينيات القرن الماضي، تؤمّن تونس عبر أراضيها نقل الغاز الجزائري إلى إيطاليا، في إطار عقود الاستغلال المبرمة مع شركة “إيني”. وتطمح تونس في 2018 أن تبلغ عائدات بقيمة 473 مليون دينار ، أي نحو 197 مليون دولار كرسوم لعبور الغاز الجزائري إلى إيطاليا، مقابل 440 مليون دينار تعادل 183 مليون دولار العام المنصرم. وفي لقاء مع السلطات التونسية، كشف الوفد الإيطالي عن برنامج الاستثمارات المستقبلية المزمع إنجازها خلال السنوات المقبلة بقصد مواصلة ضمان نقل الغاز في أحسن الظروف، معبرا عن أمله في التوصل إلى تجديد عقد الاستثمار بشروط ترضي جميع الأطراف قبل سبتمبر 2019 تاريخ انتهاء العقود الحالية، وتتلقى تونس رسوم نقل تتراوح نسبتها ما بين 5.25% و6.75% من حجم الغاز المنقول. وينتهي عقد الجزائر مع شركة “إيني” الإيطالية خلال العام الجاري، بينما تنتهي العقود المبرمة بين باريسوالجزائر، وبين مدريدوالجزائر، بين عامي 2019 و2022.