يتعرّض البرلمان بصفة متكررة لإنتقادات لاذعة من قبل منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام نظرا لتواصل نزيف الغيابات بالمجلس رغم ترسانة القوانين التي تكدست في أدراج مجلس النواب. و استفحلت ظاهرة الغيابات في مجلس النواب مُعطّلة بذلك مشاريع قوانين مهمة على غرار مشروع القانون الاساسي المتعلق بتنقيح و اتمام قانون مكافحة الارهاب و مشروع القانون الأساسي للميزانية ، كما تسبب الغيابات في الغاء انتخاب رئيس و ثلاثة اعضاء للهيئة العليا المستقلة للانتخابات . و من المُتوقّع أن يتمّ استئناف هذه الجلسات مطلع السنة القادمة بعد ان قرر مكتب المجلس منح عطلة للنواب بعنوان أسبوع الجهات بداية من 24 ديسمبر إلى غاية 2 جانفي 2019. و يرى مراقبون أن ما يحدث داخل المجلس يُترجم حالة الاستهتار من طرف النواب في ذل غياب قانون داخلي صار بُلزم النائب بالتقيّد بضوابط العمل و مواعيد انعقاد اجتماعات اللجان البرلمانية والجلسات العامة وهو ما تسبب في مناسبات عديدة في تأجيل الجلسات أو تأخيرها وبالتالي إرباك جدول أعمال المجلس. واعتبر أستاذ القانون الدستوري، جوهر بن مبارك، أن ظاهرة تغيب نواب الشعب عن جلسات عامة بمثل هذه الكيفيّة لا يدلّ فقط على أزمة داخل البرلمان وانما على أزمة داخل الائتلاف الحاكم، موضحا أن الاغلبية الحاكمة فشلت مؤخرا في تمرير القانون المتعلق بالتقاعد والصناديق الاجتماعية وهو قانون مهم كانت الحكومة تنتظر المصادقة عليه وستكون له انعكاسات مالية كبرى. وبخصوص تقييمه لاداء مجلس نواب الشعب افاد بن مبارك، أن ثمة حالة من التراخي صلب المجلس وهي ليست جديدة ووصلت الى حالة حرجة في بعض القوانين المهمة مثل قانون الارهاب والبرلمان حيث يفشل في تعديله خصوصا وأن هذا القانون مرتبط برفع اسم تونس من قائمة الدول المتورطة في تبييض الارهاب. وأضاف أن الغيابات في مجلس نواب الشعب لم تكن ظاهرة حديثة اذ أن المشكل هذه المرة هو عدم توفير أغلبية كافة لتمرير مشاريع القوانين الاساسية ومشاريع القوانين العادية داخل الاغلبية نفسها وهو ما يطرح عدة نقاط استفهام حول عدم توفر أقلية تساند مشاريع الحكومة في ظل وجود كتلة النهضة وكتلة الائتلاف الوطني الداعية للعمل الحكومي. يُذكر أنّ منظمة بوصلة اشارت خلال عرض تقريرها السنوي في مؤتمر صحفي ، الذي انعقد نوفمبر الماضي إلى أن مجلس نواب الشعب قام باقتطاع 4808 مليم بالنسبة لكل نائب كإجراء للحد من الغيابات خلال الدورة البرلمانية الرابعة التي انتهت في جويلية 2018 وشمل ذلك 17 نائبا من جويلية 2017 إلى جويلية 2018. وبلغت نسبت الاقتطاعات 81.740 مليم. يشار كذلك أن الفصل 26 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب ينصّ في فقرته الثانية “إذا تجاوز الغياب، دون عذر، ثلاثة أيام عمل كاملة في نفس الشهر في جلسات عامة متعلقة بالتصويت أو ستة غيابات متتالية في أعمال اللجان في نفس الشهر، فعلى المجلس أن يقرّر الاقتطاع من المنحة، بما يتناسب ومدة الغياب. وتنشر قائمة الأيام المقتطعة على الموقع الإلكتروني للمجلس”.