“رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدتها يضمن استقلالها واستمراريتها ويسهر على احترام الدستور”. هذا ما يقوله الدستور التونسي في تقديمه لصلاحيات رئيس الجمهورية المطالببأن يكون عُنصرًا موحدّا لكل التونسيين على اختلافهم مقابل أن يتخلى عن دوره عضوا أو رئيس حزب سياسي لضمان حياد مؤسسة رئاسة الجمهورية ، ولكن هل انطبق ذلك على الرئيس الباجي قايد السبسي؟ يبدو من الصّعب تحديد ذلك في ظلّ ما تداولته بعض المواقع الإعلامية من أخبارٍ تتعلّق بزيارة وفد نداء تونس لرئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي بقصر قرطاج الاثنين الماضي، بطلبٍ منه. وضمّ الوفد المدير التنفيذي حافظ قايد السبسي وأنس الحطاب وسفيان طوبال ورؤوف الخماسي، بالإضافة إلى وفد يمثّل لجنة الإعداد لمؤتمر الحركة يتألف من رضا شرف الدين وبوجمعة الرميلي. وأبدى رئيس الجمهورية حرصًا شديدا في متابعته مسار إنجاز المؤتمر الانتخابي الأول لحركة نداء تونس، حسب ما أكده القيادي بحركة نداء تونس عبد الرؤوف الخماسي، الذي أفاد بأنّ ” السبسي يرى أنه لا بد من توحيد الحزب وإنجاز مؤتمر في مستوى تطلعات أبنائه وعموم المواطنين”، على حد قوله. وأضاف القيادي في حركة نداء تونس أنّ أعضاء لجنة الاعداد للمؤتمر قاموا اطلعوا رئيس الجمهورية على تقدم الأمور التقنية في إنجاز المؤتمر والمراحل التي تم إنجازها. أماّ عضو لجنة الإعداد لمؤتمر الحركة بوجمعة الرميلي فقد أكد أنّ اللقاء جاء بطلب من الرئيس باعتباره الرئيس الشرفي للحزب ومؤسسه، مشيرا إلى أنّ الرئيس الباجي قايد بيّن أنّ أمر نداء تونس هو أمر وطني وأنّ هذا الحزب هو ملك لكل التونسيين وبالتالي يهمّه الاطلاع على سير الأشغال التحضيرية للمؤتمر الانتخابي الأول. وأفاد بوجمعة الرميلي أنّ رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي كشف خلال اللقاء أنّ لا نيّة له بالترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة إلا في صورة نجاح المؤتمر الانتخابي القادم للنداء وترشيحه من قبل المؤتمرين. وأوضح أنّ هناك ثلاثة أهداف للمؤتمر تمّ تحديدها في لقاء رئيس الجمهورية، وهي أن يكون مؤتمرا لتنظيم الحزب وأن يستعيد أبناءه الكثيرين، إضافة إلى الانفتاح على كفاءات غير ندائية والمحافظة على الكفاءات الموجودة . ويرى مراقبون أنه رغم الأجواء التوتّر الّتي تُخيّم على البلاد فإن رئيس الجمهورية منح الأولويات المطلقة لحزب نداء تونس ومشاكله وهو ما انعكس بالسلب على شؤون البلاد، حيث أثّر الخلاف بين نجل الرئيس حافظ قايد السبسي و رئيس الحكومة يوسف الشاهد على طبيعة العلاقة بين قرطاج والقصبة، و يُعبّر “السبسي الابن” عن ذلك بالقول ” طالما الشايب معنا فنحن بخير”، في إشارة إلى أن مؤسسة الرئاسة ستكون في صالح الحزب. ومُقابل الحرص الشّديد الّذي أبداه رئيس الجمهورية في متابعة تفاصيل تحضيرات المؤتمر الأول لحزب نداء تونس، فقد وُصفت محاولاته لتجاوز أزمة المفاوضات بين الحكومة واتحاد الشغل في ما يتعلق بزيادة أجور أعوان الوظيفة العمومية “بالمُحتشمة”. ووصف الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المسؤول عن قسم الحماية الاجتماعية عبد الكريم جراد أمس الأربعاء 23 جانفي 2019، المحاولات التي قام بها رئيس الجمهورية لتجاوز أزمة المفاوضات الاجتماعية بين الحكومة والاتحاد بالمحتشمة، مضيفا انه كان يدعو الأطراف إلى التفاوض لإيجاد الحلول في حين أن هذا الأمر كان يحدث دون انتظار دعوة من رئيس الجمهورية، على حد قوله. وفضلا عن ذلك، استغل رئيس الجمهورية موضوع الإضراب العام لتخويف التونسيين ب”يوم أسود”، ولتسجيل نقاط على غريمه يوسف الشاهد ومن معه في الائتلاف الحكومي، وتقديمهم للتونسيين على أنّهم المسؤولين بدرجة أولى عن الشلل الذي أصاب مرافق الدولة في مناسبتين، وعما يُنتظر من تصعيد يفاقم ذلك في موعد قادم