عاشت تونس هذا الأسبوع على وقع احتفاليّات الذكرى الخامسة لإصدار دستورها الجديد الذي توج مسار الانتقال الديمقراطي. واحتفل البرلمان في جلسة عامّة مُميّزة بذكرى إصدار الدّستور وسط حضور شخصيات سياسية وحقوقية ساهمت في صياغة أول دستور للجمهورية الثانية في البلاد بعد الثورة، إلاّ أنّ الاحتفاليات، وعلى أهميتها، شهدت إقصاء أطراف سياسيّة ساهمت في صياغة الدستور بشكل مباشر وغير مباشر وفي ما تحقق من مكاسب خلال المرحلة السابقة. ووصف سياسيون وحقوقيّون هذا الإقصاء ب”الخطأ الفادح والمطبّ السياسي الذي يمثل فضيحة في مناسبة احتفالية مماثلة، تترجم مخاوف انتخابية وصراعات حزبية لا تتلاءم مع ما بُني عليه دستور الثورة من توافق وتسامح”. واستنكرت كتلة حركة النهضة النيابية تجاهل مؤسسين كان لهم اسهامات بارزة في صياغة الدستور، وفي ما تحقق من مكاسب خلال المرحلة السابقة، من مثل التغافل عن دعوة بعضهم للحضور والمشاركة في تأثيث الجلسة العامة التي انعقدت يوم الاثنين 28 جانفي . واستنكرت الكتلة في بيان أصدرته أمس، عدم دعوة الرئيس السابق منصف المرزوقي ومحرزية العبيدي نائبة رئيس المجلس الوطني التأسيسي والصحبي عتيق رئيس لجنة التوطئة والمبادئ العامة والتوافقات ورئيس كتلة حركة النهضة وغيرهم من رؤساء اللجان. وأثار استبعاد الرئيس التونسي السابق، منصف المرزوقي، عن الاحتفال بالذكرى الخامسة للمصادقة على الدستور جدلاً واسعا، بعد أن تأكد ان تغييبه كان مُتعمّدا لأسباب سياسية و شخصيّة. وفسّر عضو مكتب مجلس نواب الشعب عن الكتلة الديمقراطية، غازي الشواشي غياب المرزوقي بتعمّد رئيس مجلس النواب محمد الناصر عدم إرسال دعوة له، قائلا: “محمد الناصر له مشكل مع المنصف المرزوقي لذلك لم يودعه للاحتفال بذكرى المصادقة على الدستور.” وأكد الشواشي في تصريح ل”الشاهد” أن مكتب المجلس قرر دعوة كل النواب المؤسسين ولكن فيما بعد رئيس المجلس محمد الناصر أقصى عديد الشخصيات مثل محمد المنصف المرزوقي النائب السابق بالمجلس الوطني التأسيسي والممضي على دستور 2014 وكذلك أسماء أخرى مثل الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي محمد عبّو. ووصف النائب عماد الدايمي إقصاء المرزوقي، بأنه إقصاء غير مبرر لا يليق بروح الدستور وجحود ونكران ووصمة عار على جبين الناصر، حسب تعبيره. من جانبه، أكد العضو في مكتب البرلمان شكيب باني في تصريح ل”عربي21″ أن مكتب مجلس النواب وجه الدعوات فقط للنواب المؤسسين للدستور من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي سابقا. وشدد على أن الدعوة لم توجه لا لرئاسة الجمهورية ولا لرئاسة الحكومة بل فقط لمن ساهم بطريقة مباشرة في كتابة الدستور، من نواب التأسيسي وجمعيات وشخصيات حقوقية. وأعرب حزب حراك تونس الارادة عن إدانته لما اعتبره “تعمد” رئيس مجلس نواب الشعب عدم استدعاء رئيس الجمهورية السابق و رئيس حراك تونس الإرادة محمد المنصف المرزوقي. وصادق المجلس الوطني التأسيسي، يوم 26 جانفي 2014، على الدستور الجديد للجمهورية التونسية والذي مهد لميلاد الجمهورية الثانية في تونس بعد دستورها الأول لسنة 1959 إثر استقلالها عن الاستعمار الفرنسي سنة1956. وتم ختم “دستور الثورة” يوم 27 جانفي 2014، من قبل رئيس الجمهورية حينها المنصف المرزوقي، ورئيس الحكومة علي العريض، ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر، بحضور عشرات الشخصيات التونسية والسفراء والضيوف الأجانب. ولقي الدستور الذي أرسى نظاما سياسيا جديدا في تونس يجمع بين النظام البرلماني والرئاسي مع صلاحيات مهمة لرئيس الحكومة، إشادة دولية في باب الحقوق والحريات. وثمّن القيادي في حركة النهضة، علي العريض في تصريح “للشاهد” لحظة المصادقة على دستور الجمهورية التونسية سنة 2014، واصفا إياها ب”اللّحظة الفارقة”، ُمشيرًا إلى أنّ الرهان كان كبيرا وكان يتمحور حينها في كيفية صياغة دستور يعبّر عن الثورة و التحوّلات العميقة، على حدّ وصفه