يعيش التيار الديمقراطي أزمة هيكلية صلب الحزب بسبب غياب التنسيق بين قواعده الجهوية والقيادة المركزية في أكثر من ملف من بينها قضية المساواة في الميراث التي تسببت في استنفار التنسيقيات المحليّة للحزب. وباتت أزمة التفرّدُ بالرّأي واستفراد القيادة المركزية بالقرارات المصيرية ظاهرة لدى الأحزاب التونسية التي عادة ما تخسر شعبيتها وقواعدها الانتخابية بسبب استعلاء القياد عن القاعدة وعقدة الزعامة ما يؤثر بالسلب على أداءها في المعترك الانتخابي. وأعلن أعضاء التنسيقية المحلية لحزب التيار الديمقراطي بالفوار من ولاية قبلي عن استقالتهم من الحزب احتجاجا على موقف القيادة من قضية المساواة في الميراث. كما أرجع أعضاء التنسيقية قرار الاستقالة وفق بيان منسوب إليهم تم تداوله الخميس 14 فيفري، إلى سيطرة بعض أعضاء المكتب السياسي على الحزب وتوجيهه لفرض لون يساري شبه متطرف، حسب البيان. وتعد هذه الاستقالة الجماعية الثانية من نوعها بعد استقالة 6 أعضاء من تنسيقية الحزب ببومهل احتجاجا على ممارسات أمين عام الحزب غازي الشواشي. وفسّر الأعضاء استقالتهم بغياب هيكلة واضحة وتنظيم حزبي واضح إلى جانب استعلاء الأمين العام غازي الشواشي وعدم تواصله مع المنخرطين وفق نص البيان. و عرف التيار الديمقراطي منذ صائفة 2018 قطيعة بين القيادة المركزية والقواعد المحلية والجهوية وجزء من أنصار الحزب بسبب مساندة التيار لمشروع قانون المساواة في الميراث. هذا الأمر دفع بالأمين العام للحزب غازي الشواشي إلى تبرير موقفه في أكثر من مناسبة من مسألة المساواة في الميراث دون جدوى حيث توعد أنصار الحزب التيار بهزيمة ثقيلة في انتخابات 2019، فيما توجه القيادي بالتيار الديمقراطي محمد عبو إلى اختراع مصطلحات جديدة لإقناع أنصار الحزب بهذا الخيار من قبيل “نحن لا نغير أحكام القرآن لكننا نساند المساواة في الميراث بين الجنسين.” وقال عبو في تصريح سابق “نحن لا نغير أحكام القرآن ولكن الأزمنة تغيرت وهناك نصوص جديدة”، مُضيفا “إذا كان صاحب التركة يريد بحباته تطبيق قواعد الشريعة الإسلامية في توزيع الإرث ببن بناته وابنائه فله ذلك ومن يريد تطبيق الدستور بحذافيره فله ذلك أيضا”، وهو المقترح ذاته لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي. وعرف التيار الديمقراطي تناقضا على مستوى تصريحات قيادته في ما يتعلق بمسألة المساواة في الميراث حيث أكد أمين عام التيار الديمقراطي، غازي الشواشي في تصريح بتاريخ 17 أوت 2018 لإذاعة شمس اف ام أنّ أغلبية الشعب التونسي مسلم ومتشبث بعقيدته ويرى أن أحكام الميراث في الإسلام شيء ثابت في تناقض لما قاله في تصريح بتاريخ 14 أوت حيث اكد حينها إنه يجب إعادة النظر في مختلف القوانين التونسية التي تتعارض مع دستور 2014. و أضاف في تصريح لقناة الشرق المصرية أنه لا يمكن البقاء ضمن الموروث القديم وذلك في إشارة منه لأحكام الميراث الإسلامية، مؤكدا أن حزبه مع المساواة التامة في الميراث و يدعم مبادرة الباجي قائد السبسي. يذكر أن رئيس الجمهورية اقترح في خطابه يوم 13 أوت 2018، سن قانون يضمن المساواة في الإرث بين الجنسين، مع احترام ارادة الأفراد الذين يختارون عدم المساواة في الإرث