في سابقة هي الأولى من نوعها في علاقة تونس بالدول العربية، تقدمت تونس بطلب جديد الى منظمة التجارة العالمية يوم 21 فيفري الفارط، لفتح مشاورات مع المغرب بشأن قرار هذا الاخير فرض معاليم ديوانية على الكراس المدرسي التونسي الذي تستورده هذه السوق في سنة 2018، وفق ما نشر على موقع المنظمة، يوم 27 فيفري 2019. وأكدت تونس، في طلبها الجديد، الذي قدمته الى الهيكل المكلف بتسوية النزاعات صلب منظمة التجارة العالمية، أنّ المغرب تصرف بشكل غير متلائم مع بعض اجراءات اتفاق مكافحة الاغراق لمنظمة التجارة العالمية والاتفاق العام حول المعاليم الجمركية والتجارة “غات” لسنة 1994. وقال الخبير الاقتصادي الصادق جبنون في تصريح لموقع الشاهد إنّ تجديد طلب تونس لمنظمة التجارة العالمية لفتح مشاورات مع المغرب بشأن قرار الرباط فرض معاليم ديوانية على الكراس المدرسي التونسي لا يرتقي للشكاية وإنّما هو طلب للتحكيم. وأضاف جبنون أنّ تونس تسعى لحلّ الإشكال بطريقة توافقية دون الوصول لمسألة الشكايات والغرامات داعيا إلى إيجاد حلّ للمسألة مثل الانتاج المشترك وضرورة دعم التكامل الاقتصادي خاصة وأنّ المغرب لها استثمارات مهمة في تونس في مجال البنوك وتوريد السيارات. وأكّد جبنون أنّ هذا الملف لن يؤثّر في العلاقات الاقتصادية بين البلدين مبيّنا أن العلاقات الاقتصادية بين تونس والمغرب متوسّطة من ناحية حجم المبادلات التجارية خاصة وأن البلدين لهما نفس الأسواق المستهدفة وهم في تنافس غير متكافئ لصالح المغرب بسبب حالة الاستقرار الذي يعرفه إضافة إلى التسريع في الإصلاحات. وأوضح جبنون أن المسألة ليست بالخطيرة في علاقة بروابط البلدين ولكن يجب إيجاد صيغ توافقية بين البلدين تجنّبا لتصعيد الموقف وبلوغ مسألة الغرامات. وقال جبنون إن هذه الأزمة هي الأولى من نوعها لتونس مع دول عربية رغم أنها عرفت في السابق بعض الإشكاليات التقنية في العلاقة بالجزائر ولكن تم حلّها في الإطار الودّي. واثارت تونس في طلبها الجديد جملة من النقاط من بينها عدم اثبات الجهة المقابلة لوجود اغراق فعلي للسوق المغربية ولانعكاسات سلبية تبرر فرض المعاليم الجمركية على المنتوج التونسي، اي الكراس المدرسي. وأعربت تونس عن أملها في ان يتولى المغرب الرد على طلبها في الآجال المعقولة، مؤكدة استعدادها لبحث مواعيد تلائم الطرفين لبدء المشاورات. ويعتبر التقدم بطلب اجراء مشاورات نقطة الانطلاق في اجراءات تسوية النزاعات في اطار المنظمة العالمية للتجارة ، وتتيح المشاورات لطرفي النزاع، التباحث بشان المسالة الخلافية وايجاد حلول ملائمة دون التقدم في مسار النزاع. وقال عضو الغرفة النقابية للطباعة والورق بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، معز الوكيل إن تونس تصدر حوالي 7 آلاف طن من الورق المستخدم في صناعة الكراس إلى المغرب ضمن سوق تسيطر عليها شركتان واستهلاك محلي في السوق التونسية يناهز12 ألف طن سنويا. وأضاف الوكيل أن تصدير 7 آلاف طن من الكراس للمغرب يقدّر ب30 مليون دينار، سنويا، ما يجعل السوق المغربية احدى أهم الأسواق التصديرية لمنتج الكراس المدرسي. ودعا الوكيل، الحكومة التونسية الى تدخل دبلوماسي عاجل لبحث ملف فرض معاليم جمركية على منتوجات الكراس التونسي لالغاء هذا القرار او اتخاذ حزمة اجراءات من باب المعاملة بالمثل. يذكر ان الحكومة المغربية فرضت رسوما على الكراسات المدرسية تتراوح بين 31 و51 بالمائة في حين ان هذه المنتوجات معفاة من الرسوم الجمركية. ويمكن للمشتكي في غضون 60 يوما، وفي حال عدم التوصل الى حل للنزاع، طلب عرض المسألة على مسار قضائي لمجمع خاص" حسب ما تحدده منظمة التجارة العالمية. وكانت تونس تقدمت في جويلية 2018، بشكوى الى المنظمة العالمية للتجارة بشان الرسوم الجمركية التي فرضها المغرب على الكراسات المدرسية التونسية. وطالبت تونس فتح مشاورات مع المغرب في اطار المنظمة العالمية للتجارة، حول اجراءات "مكافحة الاغراق" التي أقرّها المغرب على واردات الكراس المدرسي التونسي. وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى الخلفي قد صرح بعد أن اشتكت تونس في المرّة الأولى أن المغرب سيدافع عن وجهة نظره أمام منظمة التجارة العالمية. وقال الخلفي "إننا كحكومة من واجبنا الدفاع عن المقاولات المغربية ضد عمليات إغراق السوق، وهذا ما قمنا به". وأضاف "لا يمكن أن تقع عملية إغراق السوق لأن هذا فيه إخلال لقواعد المنافسة وتهديد لمناصب الشغل"، لافتا إلى أن الزيادة في ضرائب الكراسات المدرسية القادمة من تونس "بالنسبة إلينا هو عمل على تنزيل المقتضيات القانونية المعتمدة في إطار منظمة التجارة العمالية”.