أثارت حادثة وفاة الرضع بمستشفى الرابطة جدلا واسعا وقد استنكر المجتمع هذه الحادثة الأليمة التي راح ضحيتها أطفال حديثي الولادة بسبب الإهمال والتقصير، ومن جانبها تعهّدت وزارة الصحّة بفتح تحقيق جدي ومسؤول للوقوف على أسباب الحادثة وتحديد المسؤولين على وقوعها. وقد فوجئ التونسيون بتضارب المصالح في تركيبة لجنة التحقيق الذي كشفت عنه منظمة أنا يقظ من خلال تعيين سندة بحري الهيشري المديرة العامة للمخبر الوطني لمراقبة الأدوية كعضو في لجنة التحقيق في حين وجود ترابط أسري بمسؤولين في مجال صناعة الأدوية و المستلزمات الصحية. وقد اعتبرت المنظمة أن قرارا مثل هذا من شأنه أن يهز ثقة التونسيين في مدى جدية التحقيق ونتائجه، داعية إلى إنفتاح تركيبة اللجنة على مؤسسات أخرى و عدم الإقتصار على وزارة الصحة التي تعتبر كذلك المتهم الرئيسي في قضية وفاة الرضع. وتبعا للجدل الذي رافق تعيين المديرة العامة للمخبر الوطني لمراقبة الأدوية كعضو في لجنة التحقيق قرّرت وزيرة الصحة بالنيابة سنية بالشيخ إعفاء المديرة المذكورة بعد التأكد من أن والدتها هي صاحبة شركة مختصة في توزيع المستحضرات الطبية تتعامل معها وزارة الصحّة. وتعتبر هذه الحادثة ضربا لمصداقية لجنة التحقيق ولمصداقية النتائج التي ستتوصّل اليها، كما أن استباق عمل اللجنة والاقرار بأن الوفاة ناتجة عن تعفنات جرثومية بالمستشفى يوحي بأن الوزارة تحاول التنصل من مسؤوليتها وحماية اعوانها المسؤوليين عن وفاة الرضع. وفي هذا السياق اكد النائب عن التيار الديمقراطي بمجلس نواب الشعب غازي الشواشي وجود محاولات لتعتيم ملف الرضع لانه ناتج عن فساد وتقصير واهمال مشيرا الى أن المسؤولية لا تقتصر على أشخاص بل على المنظومة الحاكمة في علاقة بالمسؤولين والاطار الطبي وشبه الطبي والادوية وتوزيعها وغيرها. واعتبر الشواشي في تصريح لموقع الشاهد أن المنظومة فالسة وفاسدة وغير قادرة على القيام بمهامها، وحتى عند انشائها للجنة تحقيق شابتها شبهة تضارب مصالح وتم ازاحة المعنية بالأمر من لجنة التحقيق بعد تدخل المجتمع المدني. وأفاد المتحدّث بوجود قواعد لتكوين لجان التحقيق وبأن الاشكالية في الجنة هو انها متكونة من الاطباء فقط على الرغم من أن الموضوع يهم جميع التونسيين وعلى راسهم السلطة التشريعية. وشدّد على ضرورة تكوين لجنة تحقيق محايدة متكونة من أعضاء من البرلمان والهيئات الرقابية والمجتمع المدني لا تقتصر فقط على الاطباء مشيرا الى أن بعض الجهات يحاولون تعويم القضية والتاكيد على أن تحديد المسؤوليات وحصرها امر مستحيل للتهرب من المسؤولية ولاستباق اعمال لجنة التحقيق. واعتبر ان هذه الممارسات تندرج في خانة تكريس مبدا الافلات من العقاب ومن المسائلة والمحاسبة الشيء الي يشجّع على التقصير في آداء الواجبات كما عبّر عن تخوّفه من عدم أخذ الدرس من هذه الحادثة وعدم القيام بالاصلاحات الضرورية حتى لا تكرر في المستقبل. وقد قرّر مجلس نواب الشعب عقد جلسة عامة استثنائية صباح اليوم لمناقشة حادثة وفاة 12 رضيعا بمستشفى الرابطة خلال 24 ساعة، وقد دعا البرلمان رؤساء الكتل البرلمانية عقب اجتماعهم أمس رئاسة الحكومة ووزارة الصحة إلى إنارة الرأي العام حول العدد الحقيقي للضحايا الرضع. وكانت وزيرة الصحة بالنيابة سنية بالشيخ قد أكدت أمس أنّ وفاة 12 رضيعا في مركز التوليد وطب الولدان في مستشفى الرابطة ناتجة عن تعفنات جرثومية استشفائية، مشيرة إلى أن التحاليل جارية لمعرفة أسبابها.