تحظى الأوضاع الداخلية في تونس بإهتمام منقطع النظير في الصحف الإماراتية الّتي تتابع عن كثب مجريات الاحداث في تونس، محذرة تارة من تأزمة الاوضاع وتعقّدها ومتنبئة طورا بكارثة تنتظر تونس وراء المنعطف، ولم تتوقف هذه الصحف عن نشر الإشاعات وشيطنة حركة النهضة على وجه التحديد عبر مقالات ذات توجّه أحادي يطغى عليها الكثير من الحقد والتوجيه، والغريب ان هذه الصحف ورغم افتقادها للحدّ الادنى من الموضوعية يشارك في تأثيثها سياسيون تونسيّون، الذين لا يترددون لحظة في الإدلاء بتصريحات تخدم قوى الثورات المضادة والتي تتزعمه دولة الإمارات على وجه التحديد. وفي تقرير نشرته شبكة العين الإماراتية يوم امس الإربعاء، تتحدث فيه عن الجبهة الشعبية ومرشحها حمّة الهمامي للرئاسيات عرجت الصحيفة على حركة النهضة والتي تلقبها عادة “بتنظيم الإخوان” متهمة اياها بتسفير الشباب التونسي إلى مناطق القتال وامتلاكها لجهاز سري وبمسؤوليته في تريد الأوضاع السري، بل أكثر من ذلك لتواصل الصحيفة هجومها وتتهمها باغتيال البراهمي وبلعيد، في وضح يكشف الكره الإماراتي لحركة النهضة على وجه التحديد ورغبتها في التشفّي عبر الاستعانة بالأقلام المأجورة. ولا يتردّد سياسيون في تونس في الإدلاء بتصريحات تتجاوب ومقاييس الصحف الاماراتية والتي عادة ما تكون مشحونة بالعبارات العدائية والموجّهة ضدّ حركة النهضة، ولا تغيب تصريحات النائبة المسدي عن اعمدة هذه الصحف والتي اتهمت في اخر تصريح لشبكة العين الإمارتية، حركة النهضة بالإرهاب، قائلة “من غير المعقول الذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية في أكتوبر ونوفمبر المقبلين، دون البتّ نهائيا في علاقتهم بالجهاز السري وحقيقة الاغتيالات في عصر حكومتي حمادي الجبالي وعلي العريض”. وبغضّ النظر عن الكره اللامبرّر التي تشهّر به الامارات في صحفها لحركة النهضة، فهذه الصحف عادة ما تتناول الوضع في تونس بشيء من التشاؤم والسواد بتركيزها على الجانب السلبي وتحجيمها للجانب الإيجابي وكأنها تريد أن توضّح للعالم، أن الربيع العربي سيفشل في تونس مثلما فشل في بقية الدول وان تونس لن تنجح في مسارها الديمقراطي، وتستدعي في أطروحاتها السيناريوهات الدموية والسيئة والمظلمة، تشاؤمٌ يفسره البعض بخوف دولة الإمارات من ديمقراطية الشعوب وريبتها من المدّ الديمقراطي، فهي تحاول بذلك التخلّص من اي نموذج يهدد كيانها المستبد والمؤسس لشرعية عيال بن زايد فقط. و حتىّ في تغطيتها لاحتفالات عيد الاستقلال بتونس تحدثت صحفية “ارم نيوز” الإماراتية عن احتفالات في ظل أزمة اقتصادية وصراعات داخلية وضغوطات متصاعدة، ضغوطات تخترعها الإمارات لزرع الفتنة وتقويض التجربة الديمقراطية في تونس، مستخدمة بذلك مصطلحات حربيّة وتشاؤمية تُنذر بالانقسام والفتنة. وحذّر أستاذ القانون الدستوري ومؤسس شبكة “دستورنا” جوهر بن مبارك، من سيناريوهات سعودية وإماراتية تستهدف الانتخابات التشريعية والرئاسية في تونس، “بهدف ضرب المسار الديمقراطي”. وقال بن مبارك في حوار مع “إذاعة ديوان” أمس الأربعاء، إنّ “هناك جهات داخلية في تونس تحرّكها الإمارات والسعودية، تهدف لضرب مسار الانتقال الديمقراطي في تونس”، مضيفاً أنّ “هدف هذه القوى الخارجية هو تفجير مسار الانتقال الديمقراطي في تونس، وعدم الوصول إلى الانتخابات، مثلما فعلوا في اليمن ومصر وليبيا وسورية”، من دون مزيد من التفاصيل. ورأى بن مبارك أنّ “الانتخابات التشريعية ستكون ترسيخاً للديمقراطية، ولذلك على التونسيين أن يصلوا إلى هذه المحطة لأهميتها في استكمال المسار الديمقراطي”. ولم يستبعد بن مبارك “سيناريوهات دموية”، مشيراً في الوقت عينه إلى أنّ “وزارة الداخلية التونسية واعية بهذه التهديدات الخارجية”. يذكر أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات،أعلنت عن إجراء الانتخابات التشريعية في 6 أكتوبر المقبل، والرئاسية في 10 نوفمبر2019.