خرج زعماء العالم في مسيرة تضامنية مهيبة مع جريدة شارلي إيبدو، وهرع العالم بأسره لتضميد جراح ضحايا الهجمة الإرهابية التي عرفتها تونس سنة 2015 وأودت بحياة 12شخصا من جنسيات مختلفة، وشارك الجميع في مسيرة حاشدة بالعاصمة باريس تنديدا بالإرهاب، ولكن لم تسجل نيوزيلندا حضور أي رئيس عربي في مجزرة المسجدين والتي راح ضحيتها 50 مسلمًا. موقفٌ محرجٌ لزعماء العرب، الذين لا يتأخرون لحظة في تلبية نداءات البلدان الغربية التي تُشغّل اجراس الحذر والخطر والإصطفاف اذا تعلّق الامر بضرر لحق بمواطينها من ذوي الديانات الأخرى، أمّا حينما تعلق الأمر بوفاة 50 مسلما في عملية إرهابية يمينية، لم تجد الجالية المسلمة زعماء عرب يلتفون حول جراحها ولم نشهد مسيرة ضخمة لرؤساء العالم ولا تجمعا هائلا يضاهي حجم الكارثة التي أودت بحياة عشرات المسلمين من 6 جنسيات مختلفة، بل على العكس اكتفى رؤساء من وراء قصورهم بإرسال برقيات تعزية بكلمات باردة ومُصطنعة. في المقابل كان لنيوزيلندا شعبا ونخبة مواقف مشرفة عوضت الخذلان العربي، وفي موقف أثار إعجاب العالم تلت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أردين، حديثا نبويا خلال خطابها، اليوم الجمعة وهي ترتدي الحجاب أمام مسجد النور فى نيوزيلندا، حيث قالت “الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قال (مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)”، مضيفة “نيوزيلندا تنعى معك.. نحن واحد”، وفى نهاية خطابها وقف الجميع دقيقة حداد على أرواح الشهداء. وكان الحجاب الإسلامي أكثر العناصر حضورا في الجنازة المهيبة التي نظمتها نيوزيلندا اليوم بعد مرور اسبوع على مجزرة المسجدين الأليمة، حيث ارتدت نساء نيوزيلندا المسلمات منهن وغير المسلمات حجابا إحتراما لضحايا الجالية المسلمة وكان من بين المشاركات في الحملة، شرطيات وإعلاميات وناشطات ظهرن وهن يرتدين الحجاب،جاء ذلك استجابة لدعوة من منظمات المجتمع المدني لتنفيذ حملة ارتداء الحجاب. وخلال التشييع تم رفع أذان صلاة الجمعة في جميع أنحاء نيوزيلندا عبر التلفزيون والإذاعة الوطنيين، تأبينا لضحايا الاعتداء الإرهابي، ثم جرى الوقوف دقيقتي صمت في جميع المؤسسات والتجمعات. وقال خطيب مسجد النور، جمال فودة، وهو أحد الناجين من مجزرة “المسجدين” إن “دماء ضحايا الاعتداء الإرهابي لن تذهب هدرا، بل من خلالهم سيرى العالم جمال الإسلام وجمال وحدتنا”. وأضاف، خلال خطبة الجمعة في “هاغلي بارك” بكرايست تشيرتش، أنه رغم الألم الذي يشعر به المواطنون في نيوزيلندا، إلا أن الأخيرة “دولة لا يمكن كسرها”. وتابع: “مجزرة المسجدين نتيجة خطاب الكراهية الذي يقوده بعض الزعماء السياسيين، وعلى العالم وضع حد لخطابات الكراهية تلك وسياسة الخوف من الإسلام “. وتابع قائلا: “سعى الإرهابي لتقسيم مجتمعنا بأيدولوجية شريرة مزقت العالم ولكننا أظهرنا للعالم بأن نيوزيلندا غير قابلة للكسر، ويمكن للعالم رؤية مثال للحب والوحدة، قلوبنا حزينة ولكنن لسنا مكسورين”. وتوافد آلاف النيوزيلنديين للتضامن مع المواطنين المسلمين بعد مذبحة المسجدين التي أسفرت عن مقتل 50 شخصا وإصابة 50 آخرين بجروح، وذلك في أول جمعة بعد الحادث الإرهابي غير المسبوق في هذا البلد.