تفصل تونس 5 أيام عن ثالث انتخابات تشريعية بعد الثورة في وقت يتوقّع الكثيرون أن تؤدّي هذه الانتخابات إلى برلمان مشتت يجمع عديد القوى في ظلّ صعود الشعبويين على غرار بعض الدول الغربية خاصة إيطاليا. ويخشى بعض الملاحظين من الحالة الإيطالية خاصة في ظلّ ظروف متشابهة بين تونسوإيطاليا حيث يعرفان صعوبات اقتصادية كبيرة وتشتتا سياسيا في ظلّ صعود للشعبويين واليمين المتطرّف. وعرفت إيطاليا في بداية مارس 2018 انتخابات تشريعية شهدت صعود قوى غير تقليدية تمثّلت في بروز حزب رابطة الشمال اليميني المتطرّف وحزب النجوم الخمس الشعبوي. وعرفت تشكيل الحكومة أنداك صعوبات كبيرة بعدما فشلت الأحزاب الفائزة في تشكيل حكومة ذات أغلبية في البرلمان، كما اصطدمت هذه الجهود برفض الرئيس تعيين شخصية معارضة للاتحاد الأوروبي في منصب وزير الاقتصاد. وبعد فترة من الأزمة السياسية في البلاد تم تكليف المستقلّ جوزيبي كونتي بتشكيل الحكومة غير أن جهوده باءت بالفشل بعد أيام من بداية عمله ليعلن تخلّيه عن التكليف بعد صدام مع الرئيس سيرجيو ماتاريلا ثم عاد من جديد ليشكّل حكومة في 1 جوان 2018. بعد حوالي سنة قدّم كونتي استقالته من رئاسة الحكومة بعد خلافات مع حزب رابطة الشمال اليميني المتطرّف والذي استقال زعيمه وزير الداخلية ماتيو سالفيني من الحكومة بسبب خلاف حول مشروع للسكك الحديدية. وبعد أشهر من الأزمة تم إعادة تكليف كونتي بتشكيلة حكومة جديدة تغيّرت فيها التحالفات حيث ذهب سالفيني وحزبه رابطة الشمال إلى المعارضة فيما عاد الحزب الديمقراطي ليتحالف مع حزب النجوم الخمسة رغم تباين المرجعيات بين حزب شعبوي وآخر يساري وسطي. ورغم التوافق الجديد تبدو الحكومة الجديدة دون حزام برلماني قويّ في ظلّ اصطفاف الحزب الأوّل في انتخابات 2018 في المعارضة وهو ما يوحي بأزمة تبدو في الأفق. ويظهر أن المشهد الإيطالي لا يختلف على ما تعيشه تونس اليوم من صعود أحزاب غير متجانسة في البرلمان القادم، إضافة إلى خارطة مشتتة من المستقلين، وقد يعرف تشكيل الحكومة في تونس شدّا وجذبا في غياب ائتلاف متوافق.