كثّفت تونس من خلال البنك الوطني للجينات أخيرا من اتصالاتها بالعديد من دول العالم لاسترجاع أصناف محلية من عينات جينيّة تتعلق بثروات بيولوجية زراعية موجودة حاليا في بنوك جينات أجنبية، وذلك في فترة اتّسمت بتصاعد الجدل حول توريد أصناف من الحبوب يشتبه في احتوائها على مواد مسرطنة. وأعلن المدير العام لبنك الجينات مبارك بن ناصر عن وجود أكثر من 11 ألف عيّنة جينية لبذور وزراعات محلية تونسية مهرّبة بالخارج، في ظرف مناخي عالمي يتّصف بتسارع نسق انخفاض التنوّع البيولوجي الذي تقوم عليه السيادة الغذائية للدول. ويهتم بنك الجينات منذ تأسيسه سنة 2007 بجمع الموارد الجينية المحلية، خاصة النادرة منها والمهدّدة بالاندثار ثم التحقق من مصادرها ومراقبتها الصحية بهدف إكثارها وتثمينها والمحافظة عليها في وسطها الطبيعي وخارجه، إضافة إلى العمل على استرجاع الأصناف الموجودة ببنوك أجنبية. اللجوء إلى القضاء وصرّح بن ناصر بأنه يعكف حاليا على متابعة الملف الأسترالي، ويقول “رغم العديد من المراسلات الرسمية التي وجّهها لبنك الجينات الأسترالي الذي يحتفظ بأكبر عدد من العيّنات البالغ 3401 عيّنة جينية تخصّ الزراعات العلفية المحلية، فإنه بالغ في التغاضي عن طلباتنا في استرداد موروثنا البيولوجي”. ويضيف بن ناصر للجزيرة نت أن الأستراليين طالبوا تونس بدفع تكاليف عمليات الإكثار التي سيقومون بها في مخابرهم، شرطا لإعادة العيّنات التونسية إلى أراضيها، وقال إن الطلب يعتبر مخالفا للاتفاقيات العالمية الجاري العمل بها، مما سيدفعه قريبا إلى مقاضاة بنك الجينات الأسترالي الذي ينتهج سياسة المماطلة في التعامل. ويذكر أن الجهة الرسمية المخوّلة للنظر في هذا النوع من الخلافات والنزاعات الدولية، هي الأمانة العامة للاتفاقية الدولية للموارد الوراثية للأغذية والزراعة التابعة لمنظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة التي تلزم في بنودها المستفيدين باقتسام منافع الموارد الوراثية مع البلدان الأصلية التي نشأت بها. وتعتبر تونس البلد الأول أفريقيا والسابع عالميا -تليه المملكة الأردنية- الذي أنشأ قاعدة بيانات مفصّلة بثماني لغات لتصنيف وتعداد موروثه الجيني الزراعي والحيواني وهي متاحة للعامة، بهدف تيسير عمليات التبادل مع الدول أعضاء اتفاقية الموارد الوراثية أو الشركات الزراعية العالمية.